الاثنين، 17 نوفمبر 2014

تقديم :موسيقى شعر العامية

د رمضان الحضري
..................
لكم في رقابنا شكر بالغ وتقدير بلا حدود
لقد أضاف تقديمكم لكتابنا قيما نتمنى أن تسود النقد المعاصر
وأن تكون جذورنا هي ما تعتمد عليه أشجارنا فتزداد ثباتا وارتفاعا
وإثمارا ،وإن شاء الله تتعدد الدراسات في هذا المضمار وعن باقي
الرواد ،والمزيد من النماذج وفق ما أشرتم به ،ولكم قوافل عرفان
لها بداية وليس لها نهاية ...
.....................................................................
ويسعدني أن أزف لكل المهمومين بالأدب هذا التقديم العبقري

لكتابي ((موسيقى شعر العامية المصرية نماذذج ورواد))
..................................................................

التقــــــــــديم
..................
بقلم د رمضان الحضري
............................
أصيب النقد العربي ـ وبخاصة المصري ـ بنظريات التعليب والتغريب في جميع اتجاهاته؛فلم يخرج كتاب نقدي واحد منذ أكثر من عقدين من الزمن إلا وهو يحمل بين طياته الدعوة إلى اتباع النظريات المعلبة والمستوردة ـ وبخاصة النظريات الأورأمريكية ـ بصفتها مالكة الحضارة الحديثة
ولها الحق في توجيه جميع سفن الأدب في العالم حتى لو كانت هذه السفن تسير في بحار لا تتبعها في :الأرض
أوالعقيدة أو الفكر ، والحق أن الأوربيين والأمريكيين يدافعون بأموالهم وأسلحتهم عن نشر فكرهم حتى لو تطلب ذلك منهم خوض معارك قذرة ، لاعفة فيها ، ولا نبل منها....
هذه تقدمة لكتاب فريد بعنوان (موسيقى شعر العامية المصرية نماذج ورواد) للكاتب الرائد صالح شرف الدين ،حيث يسْلم الكتاب من جميع الأمراض الأورأمريكية لا على سبيل صفاء الثقافة العربية من الثقافة الغربية ولكنه
أعني المؤلف اختار طريقا لا يمكن للغربيين أن يسيروا
فيه بل سيكون صالح شرف الدين رائدا في هذا المجال ،وعلى الغربيين أن يتبعوه إن شاءوا أو لا،فهو طريق يدرك تعرجاته ومساربه ،ويخبر مرتفعاته وسهوله، حيث إنه يمتهن شعر العامية ،كما يمتهن شعر الفصحى بجدارة وإصرار.ينفرد الكتاب بموضوع غير مسبوق ولا مطروق ،وهو موضوع تنظيري وتطبيقي في ذات الوقت،بيد أن المتلقي لهذا الكتاب إن لم يدرك الهدف العلمي والتأريخي للكتاب ستفوته الاستفادة منه بجملته أو بجله .فالكتاب لا يسرد التنظير ولا يفصل المجمل ،بل إن الإشارة تغني عن العبارة ،والتلميح يغني عن التصريح ،فمال الكتاب إلى الجانب التطبيقي ،تاركا الفرصة لمن يدلف فيه ليفكر ويتمعن ويختبر ذاته ومعلوماته ،فقدم الشعر العامي بلهجته المصرية المتنوعة (قاهرية .صعيدية .بحراوية.وغيرها..) دون التصريح بماهية هذه اللهجة احتراما منه لعقلية القاريء الذي يعرف أن فن الواو وشعر الأبنودي سيكون بلهجة أهل الصعيد،بينما شعر رامي وصلاح جاهين ،بلهجة أهل القاهرة،في ذات الحين يكون شعر أحمد فؤاد نجم ،وفؤاد حداد بلهجة الفلاحين في الشرقية ،كما أن سيد حجاب عاميته بلهجة الصيادين في المنزلة والدقهلية بشكل عام ...
صالح شرف الدين يستجلي موسيقى شعر العامية المصرية بطريقة يستحدثها هو ،أجادها وأراد أن ينقل تجربته لغيره ،وأصر أن يجهد المتلقي في فهم ما يعنيه ،
ويفتح أمامه أبوابا أخرى للفهم ،ربما لم يتناولها الكاتب بالتفصيل في مؤلفه.حينما بدأت الدعوة لاستخدام اللهجة العامية عام 1880م بكتاب للألماني (وليام ولهلم)
بعنوان :قواعد اللغة العامية في مصر ،ونشر الكتاب وأخذ ضجة كبيرة من قبل االغربيين،باعتبار أن هذا الكتاب سيكون مساهمة كبيرة في إبعاد المصريين عن لغة القرآن الكريم ،فأوحوا إلى (ولكوكس)بتبني هذا الكتاب ،وإذا بالمصريين يستخدمون النتائج التي عرضها الكتاب لينتجوا فنا جميلا وشعرا عاميا رائعا ،وكأنهم يخبرون المؤلف:بأن الأرض التي أرادها للفساد زرعناها خيرا للعباد.وهذا الكتاب دليل جديد على حصاد الأدب العامي المصري من كتب الغرب التي دعتهم لترك اللغة الفصحى واستخدام العامية فتمسك المصريون بكتاب الله وقدم المفسرون أكثر من تسعين تفسيرا للقرآن الكريم في الفترة من :(1880م إلى 2001م ) فظهر تفسير أبو النجا والمراغي والذهبي والشعراوي وبنت الشاطيء وطنطاوي وغيرهم كثيرون ..
يعلن صالح شرف الدين براءته كاملة من الانجراف نحو التعليب أو الانحراف نحو التغريب فلم يشر لأي كتاب غربي (بلغته أو مترجما بلغتنا) ولم يكتب اسما أوربيا أو أمريكيا واحدا استفاد منه شعراء العامية المصرية.
الحق أن الكتاب يثبت أن نقدنا الأدبي يختلف تماما عن النقد الغربي حيث اختلاف اللغة،والتي لم ينتبه من ظنوا أنهم نقاد ـ أو هكذا أشيع في المجتمع المصري أنهم نقاد ـ لم ينتبهوا لاختلاف اللغة العربية ولهجاتها عن اللغات
الغربية ولهجاتها،فملأوا المكاتب بأوراق كثيرة تافهة ،تحمل أوزارا جمة ، وتبث الفساد في نفوس القراء ...
تناول المؤلف كتابه في ثمانية فصول مترابطة ،تجمع
بين التنظير لموسيقى العامية ،والتطبيق لها ،وعرض نماذج شهيرة ومختارات رائدة ،كما يقدم المؤلف ترجمات
لعدد من رواد العامية المصرية ،للتدليل بها عن الخلفيات
الثقافية والاجتماعية المتنوعة ،والتي أنتجت - للشعب المصري خاصة والعربي عامة – أنتجت أدبا عاميا ومنتجا إبداعيا وفكرا ثقافيا أثر في جميع أنحاء الوطن العربي أرضا من الماء إلى الماء ،وحركة من الرجال للنساء ..
لا ينتابني الشك لحظة أن تقدمتي للكتاب رفعة لي وشرف أعترف به ، حيث إن الكاتب استنفذ فيه وقتا وطاقة ،وهاهو يقدم وقته وطاقته للقاريء ،أملا أن يستفيد المتلقي بالكتاب حيث يفتح له أبوابا واسعة تبين توجهات
النقد العربي الحقيقي ،وتفرق بين المدارس العامية الأدبية التي انتشرت في ربوع مصر ..
هذا الكتاب من وجهة نظري مفتتح لدراسة شعر العامية المصرية ،وبداية جيدة للتأريخ لها ،وطريقا جديدا يوضح كيفية معالجة النص من شعر العامية المصرية ،وبالتالي سوف تتبعه كتب من المؤلف ـ إن شاء الله ـ لاستكمال التراجم والنماذج والتأريخ لحركة شعر العامية المصرية.
د.رمضان الحضري
القاهرة
25من يوليو 2014م

صورة ‏صالح شرف الدين‏. 
صورة ‏صالح شرف الدين‏.

صورة ‏صالح شرف الدين‏.












 

ليست هناك تعليقات: