الجمعة، 12 فبراير 2010

سأغفر لك 18-26

18

كانت تشاهده عن بعد ..يدها على قلبها ..تتابعه وسط الحشود ..لم تكن حركات الكاميرا

تكفيها ..إذا اختفى تتصل به ..تقرأ القرآن ..تدعو ..تبكي..تبتهل إلى الله أن يعيده سالما

..تتحسس حملها بحركة لا إرادية ..تطرد ما يخوفها منه الشيطان ..تتصل بمن تعرفهم أنهم

معه في الموقع ..تحاول أن تستمد من كلامهم ما يطمئنها..الوقت يمر بطيئا ..لكنه يمر ...

أخيرا جاءها صوته ..مبروك عليك عشرين فدانا وقصر رائع ..تستحقين أكثر حبيبتي ..احترس

حبيبي ..أنت في أرضهم ..أريدك سالما ..احضر حالا ..ألم ينته كل شيء ..لا سأبيت الليلة

هنا ..فهي أهم من كل ما فعلناه ..يجب أن نظهر قوتنا ليلا ..نقطع أي أمل لهم في استعادة

شبر واحد..اطمئني علي ..عمر الشقي بقي ..ضحك ..كانت ما تزال خائفة ..لن أنام حتى تعود

تكررت محاولاته لتطمينها ..ما تلك الأصوات التي أسمعها ..إننا نستعرض قوتنا بعد رحيل

الشرطة..سأكون على اتصال ..اعتقد أهل القرية ومن استنفرهم الأشرار أن هناك كتيبة

مسلحة في الأرض والقصر ..كان أربعة من أبناء عمه مسلحون بأسلحة حقيقية في أعلى

القصر ..وثمانية من شركة الأمن الخاصة ..معهم طلقات صوتية ..نظم عملية إطلاق النار

يبدأ من في الجنوب باطلاق ثلاث رصاصات في الهواء ..يرد عليه من في الشمال بعد ربع

ساعة بثلاث ثم من في الشرق ثم من في الغرب ..وهكذا طوال اليل ..يمر عليهم يحييهم

ويقدم مساعدوه لهم ما يحبون من حلوى ومشروبات ..ساعدهم سطوع القمر في فحص

كل الأرض ،ومعرفة كل زروعها .وما تحتاجه من مزارعين وأدوات زراعة ..عثر على ما أصابه

بالهلع ..وفسر له عدم وجود ابن عم الشرير في هذا اليوم المصيري ..أيقظ المحامي في

منتصف الليل ..أبلغه بالأمر الخطير ..أأنت متأكد ..نعم تمام التأكد لا يمكن أن أخطيء في

التعرف على هذه الأشياء ..سأل عن تلك المساحة وعن الأنواع... ..أخبره بها تقريبا

رتب مع المحامي كل شيء ..أمر الحراس بأن تظل النيران التي أشعلوها أول الليل متقدة

وساعدهم الكم الكبير من الأشجار الجافة ..منظر النيران ..ضوء القمر ..الرصاص ..

الحركة الدائمة حول الأرض وفي أعلى القصر يوحي بوجود أكثر من مائة شخص فيها كان

الوحيد الذي يعلم بوجود حراس مسلحون تسليحا حقيقيا ومعهم أجهزة رؤية ليلية في أعلى

القصر ..حرص على بقاء ذلك سر ..كان يتابع بمنظاره كل جهات السور ..كانت تغفو قليلا ثم

تحدثه ..تطمئن ..تتمنى أن يسرع الليل ..أريد أن أكون معك ..لا أستطيع التحمل ..أرى

كوابيسا ..بكت ..الفجر سيطلع حبيبتي ..سأرسل لك من يحضرك ..استريحي ساعتين ..

كل شيء يسير على ما يرام ..ستسعدك رؤية المكان بكل ما فيه ..صار مأمونا لأبعد حد

حضرت مع حارسين وسائقه المسلح .. اكتفت بالبقاء بشرفة القصر ..شاهدت سيارات

الشرطة ..وأعداد كبيرة من الجنود تحيط مساحة كبيرة وسط الأرض ..وهو معهم ..سألت

حراسها ..لم يجبها أحد ..سارعت بمحادثته ..ستعرفين حالا

19


عاينت النيابة ..تأكد الخبراء أن في الأرض مئات من أشجار الخشخاش ..مختفية بين ما يشبهها من الزروع ..اخذوا العينات وضعوا
حراسة انتظارا لقرار النيابة ..أخذوا صورة من محضر استلام الأرض ..صدرت أوامر بالقبض على أولا عم الشرير ..والمزارعين
السابقين ..لم يستطيعوا القبض إلا على بعض عمال الزراعة ..اعترفوا أدانوا أولاد عم الشرير ..ادعوا أنهم لا يعرفون أنها مزروعات
ممنوعة ..تم سجنهم ..كان سعيدا لأن الدائرة أخذت تضيق على الأشرار الذين هربوا ..اخذت أسرار قتل الأب ..تتكشف..مافيا
المخدرات المتوحشة ..زادت مخاوفها ..تنتابها مشاعر مضطربة ..الفرحة الغامرة ..الخوف الشديد ..المساعدون ..المستفيدون ...
طفلها ..شريط الذكريات المؤلم ..أخرجها من هواجسها ..أخذها في جولة على الأرض..لم يتركها تفكر في شيء سوى روعة
الخضرة والهدوء المياه الجارية العمال الجدد..اجلسها بجانب قناة تجري فيها المياه ..كان شعورا رائعا وهي تلهو بيدها في الماء
الجاري..تشاهده يروي الأرض ..استراحا تحت ظل شجرة ..كانت تتعجب من تلقائيته ..قطع لها بعض الفروع الخضراء جلسا
عليها ..يشاهدان ملكوتا رائعا ومبدعا ..اختلطت سعادة الطيور بالمياه والخطرة بسعادتهما ..أحظروا لهما الطعام أكلت بشهية ..
كان يحاول أن يبعد عنها كل خوف ..أبعد الحراس ..لم أتخيل أنني سأجلس على الأرض وأتناول الطعام وسط الزرع والماء
والطيور ..هنا في أرض الأشراء ..أمسك حفنة من طين الأرض ..سبعة آلاف عام ..بنت النيل..النيلة ..كم رويت عرقا ودما
..تأملته وهو يتكلم ..ويتساقط طين الأرض من بين أصابعه ..كانت تحاول ان تتماسك تخفي هلعها ..لقد أكرمنا الله وأخذت
حقك ..كانت مخافها كبيرة ..شعر أنها تريد المغادرة ..كلم ابن عمه أصغى إليه باهتمام ..عادا إلى البيت ..لم ينس الاطمئنان
على أهله ..أشعر وكأني أحلم ..شكرا الله ..كانت تشعره أنه رجلها المحبوب ..يسعده ما تغمره به من مشاعر ..اشياء
تنتقل من القلب إلى القلب ..اعتدل ..رسمت ملامحه الجدية ..عليك أن تبدئي في إدارة كل شيء بنفسك ..ستنتهي الإجازة
وتأخذني دوامة العمل ..طال صمتها ..حبيبي لا أفكر إلا في طفلك القادم ..لا أعرف كيف أصف لك شعوري ..شيء
رائع إشياق ..اضطراب ..ترقب ..أهم من المال والإدارة ..قاطعها لقد صارت الإدارة علما ..عليك إن آجلا أو عاجلا أن
أن تديري كل شيء ..والأهم أن تخرجي حق الله من مالك ..وإن شاء الله يبارك الله لك في كل شيء..سلمها ملفا كاملا فيه
بيانات ما تم إنفاقه ..ستحضر غدا مديرة في الشئون المالية والإدارية لتدريبك ..أنت رجل عنيد لكني أحبك ..أريد وعدا
بأن تركزي معها ..وسيكون ملف هذا الملف ..أول ما تتدربين عليه ..المحامي وكل هيئة مكتبه بذلت جهدا كبيرا ..هناك
عمل كثير تحتاجه الشركة لإعادة هيكلتها ..وتنظيم أقسامها ..لا تنسي حق والدتك ..متى ستحضر ..قريبا جدا حدثتها
أمس ..لن تعود إلى هناك تصفي كل شيء..لم يكد يصلي العشاء حتى راح في سبات عميق ..ظلت تتأمله تتمتم بما
تيسر لها من القرآن ..
أفزعتها نيران مشتعلة في كل ما تملك ..لم تخف منها ..بحثت عنه ..غمرتها الأمطار ..تلاشت
النيران ..عثرت أخيرا عليه ..انقبض قلبها ..أفزعها أنه لا يرد عليها .........


20

شعر أنها تتكلم وهي نائمة ..أيقظها ..أحضر لها كوبا من الماء ..كان يوما عصيبا ..أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..كان حلما
مفزعا ..نيران تشتعل في كل شيء..أمطار تغمرني ..لم تكن ترد علي ..حاولوا إبعادك عني ..تشبثت بك ..لم ترد علي إلا عندما
سقيتك بيدي ..كنت أعاركهم حتى لا يبعدوني عنك ..أيقظتني ..الحمد لله أنه حلم ..هل أطفأت النار النيران ..لا أذكر بالضبط لأني
انشغلت بك ..خير إن شاء الله ..صليا وعادا للنوم ...بدأت تتكشف أسرار زراعة المخدرات ..حملات متواصلة ..أوامر قبض ..
استدعته النيابة للشهادة ..اطمان على الأرض ..وترميم القصر ..والحراسة والزرع ..فوجيء بمن يعرض عليه شراء الأرض
بأكثر من خمسة أضعاف السعر الذي استلموا على أساسه ..عرف أنهم بخسوا السعر ليشتروا هم ..والسور زاد السعر أكثر ..
لن نبيع ولن نؤجر الأرض سعرها يزيد واستثمارها مجز ..عاد بعد الظهر ..وجدها أنهت دروس الإدارة ..بادرته ..عندي لك
خبر سعيد ..خرجت وحدي .ولم يتركني حارسك ..وضعت مليون جنيه في حساب خاص لله ،حتى نتفق على كيفية توصيله للفقراء
..شيء جميل ..وعندي بشري لك ..زاد ثمن أرضك خمس مرات ..الإصرار على أخذ الأرض والسور السبب ..البركة فيك حبيبي
كانت تكثر من تدليله ..يسعده ذلك وإن لم يظهر عليه ..متأكد من حبه لها ،وإحساسها بذلك ..يبدو أنني فشلت في جعلك سعيدا ..
لماذا تقولين هذا ..لا تبدو عليك السعادة ..على العكس ..سعادتي لا تقدر لقد نجحنا بتوفيق الله ..لا تستمعي لصوت الشيطان ...
لو فتحت قلبي ستجدين نفسك متربعة به ..ضحكت ضحكة عذبة ..تناولا الغذاء ..لدينا موعد مع المحامي ..اذهب أنت .لا.وجودك
مهم لتوقعي أوراق نصيب والدتك ، أمي طيبة ولا تريد شيئا ..إنه ميراث ..يجب أن تأخذه ..تتصرف فيه كما تريد ..رحب بهما
المحامي أعد كل شيء ..انتهز فرصة انشغاله بمكالمة ..سألها المحامي ..هل تعلمين أن زوجك يمر بضائقة مالية ..كيف عرفت .
طلب مني بيع قطعة أرض يملكها بمدينة ساحلية ..البيع متعثر لشروطه التعجيزية ..لن يشترط تلك الشروط معك ..وهي غالية علية
وفرصة استثمارية طيبة ..جهز العقد ..الأهم أن تقنعه بأن يعمل مستشارا للشركة ..رفض أن يدير الشركة ويصر أن أديرها بنفسي
،وأنا معه في ذلك ..لم يبدي أي اهتمام بحديث المحامي معها ..أعلم أنها ستخبرك بكل شيء ..لكني محام محترف ..ولن تأكلوا علينا
العزومة ..تأخرتم جدا ..لا أعرف كيف أرد على الأصدقاء ..رد بسرعة لتكن العزومة في الأرض غدا ..ما رأيك ؟؟لم تتحمس ولم
ترفض ..اعدت العزومة بسرعة ..حضر الجميع ..وصلت الأم وشاركت في العزومة ..بهرتها الأرض ..مساحة الخضرة ..حكت لها
كل شيء ..شاهدت الأشرطة ..لم تكن تعلق كثيرا ..أعطتها مظروفا ..قرأته بعناية ..لا أريد شيئا ..هذه أموالك ..وتسعدني سعادتك
أنا وما أملك لك أمي ..تريدين أن تقولي شيئا ..لقد بالغتم في المصروفات ..كثير جدا مليون جنيه للفقراء ..لن تمر مدة طويلة وتصبحين
على الحديدة ..عليك أن تحافظي على كل جنيه ..لم يعقب ..التفتت له الأم ..كيف توافقها على هذا ...استأذن للخروج ..حاولت أن تبقيه
لم تفلح ..أغلق الباب وراءه


21


حاولت بكل الطرق تهدئة أمها ..أحضرت لها الفواتير..تقرير مديرة الشئون الإدارية والمالية التي تدربها ..أنفقنا حوالي مأئة ألف
..وزاد ثمن أرضنا ملايينا..أقدر خوفك أمي ..لن أقول لك أنه مالي ..لا تخافي من المستقبل أمي ..أنا لا أعرف في إدارة الأموال
وأنت رفضت أن تتولي كل شيء..أحاول أن أتعلم ..أرجوك أمي ..لا توجهي أي لوم لزوجي ..أثق به أكثر من نفسي ..أحبك أكثر
من كل شيء..لم يظهر غضبه في المرة السابقة ..وخرج مسرعا حتى لا يصطدم بك ..لا أعرف كيف أتصرف ..لن أختار بينكما
أفضل الموت على أن أفقدك أو أفقده ..أحتضنتها أمها ..بكيا سويا ..سامحيني لم أقصد أي إساءة ..كبرتم المسألة ..إنه مجرد نصح
أريد الحرص ..الحياة صعبة ..أكرمنا الله ..‘لينا أن نحافظ على نعمته ..لا نسرف ..كسبت رجلا ..أخا ..أبا ..مالا ..ألا تستأهل هذا
أن أقول لله شكرا .كل تلك الأموال على الورق ..لا أستفيد إلا بما أنفقه ..ويسعدني ..ويسعد من حولي ..ولو أستطيع إنفاق ااكلها لما
تأخرت .حتى لو قالوا عني مجنونة ..زوجي حريص جدا وحساس ..علينا ألا نجرحه أمي ..كل ملاييني هذه ..وهو يمر بضائقة مالية
ويعرض أرضه للبيع ..غامر بكل شيء من أجلي ..مازال في خطر ..أهذه شكرا التي يجب أن نقولها له ..لن يتحملنا إلى ما لا
نهاية ..خوفي عليه يكاد يقتلني..كانت الأم تسمع ولا تعقب ..تغيرت كثيرا ابنتي ..اسمحي لي أمي أن أتصل به أرضيه ..هزت الأم
رأسها ..اعتذر لها لأنه في الطريق لأهله ..سيبقى عندهم يومين ..لا تغضب من أمي ..صدقني تحبك وتوصيني بك ..جاءها صوته
يحاول التماسك .ولا يهمك .(ياما دقت على الرأس طبول ..) لم أفهم ..شرح لها ..خللي بالك من نفسك ..لا تخرجا وحدكما ..اذهبا
للمحامي لتستلم الوالدة نصيبها ..سألته بالله ألا يغضب ..طمأنها ..أوصاها بنفسها ..طلب منها الدعاء له ..لا إله إلا الله ...محمد رسول
الله..اتصل به المحامي وهو في الطريق ..هناك مشتر لأرضك وفق شروطك ..وهناك موضوع مهم أريد أن أناقشك فيه ..لنتقابل
أول الأسبوع ..حيا أهله ..استفسروا عن سبب التأخر ..اندمج معهم ..يحب البحر كثيرا ..يجيد السباحة ..سألته زوجته عن أسباب
شروده ..لا تعجبني أحوالك ..ماذا بك ..إنه إرهاق السفر .. هناك مشتر للأرض ..أخيرا ستبيع ..أنت تعلمين كم هي غالية عندي
وقد تضاعف سعرها ..وهي آخر ما أملك ..ماذا سأبيع بعدها ..لا أريد شيئا لنفسي إنهم أولادك ..علينا أن نوفر لهم السكن ..وهم
يكملون ما يحتاجه الزواج ..هذه أقل مساعدة لهم ..هز رأسه ..تأملها ..بدت جميلة ..شمس وهواء المصيف ..تبدين جميلة ..الحمد
لله مازلت تلاحظ ذلك ..هذا من حب الله لي يجعل حلالي جميلا ..ولكنه عنيد أيضا ..إلى متى ستكون ملكيا أكثر من الملك ..لم
أفهم ..ترهق نفسك في العمل شتاء وصيفا ..الناس تأخذ الإجازة لتستعيد النشاط ..متى تفعل ذلك ..لا تقلقي ..كلها سنوات قليلة
وأخرج على المعاش ..وأجلس إلى بجوارك ..ليس كثيرا علينا ..وبعد عام متعب أن نستريح شهرين ..وليس للاجازة طعم
بدونك ..ستبقى معنا حتى نهاية الأجازة ..لا لدي عمل آخر الأسبوع ..على راحتك ..قالتها واصرفت ..أخذ يتأمل البحر ..
الاتساع ..الأفق ..الزرقة ..الأمواج ..الغموض ...

22

كان اللقاء بالمحامي عاصفا ..أصر أن يتعرف على المشتري ..أحسبك عرفته ..تعجب من كلامه ..ماذا تقصد ..غير موافق .ماذا قلت
لها ..لا تتعصب كان يمكني إخفاء الاسم كما طلبت حتى تخبرك ..أريد أن تقتنع أن في ذلك مصلحة لك ..ومصلحة لها ..الأرض غالية
واستثمار مضمون ..وأنا أعمل لمصلحة موكلتي ..ولم تشترط ألايكون البيع لها ضمن شرطك ..لن أوقع العقد ..هناك شبهه في استغلال
خارج حدود البيع ..لا تنفعل ..أنا متأكد أنها ستقنعك ..ولن توقع عقدا واحدا بل عقدين ..تريدك مستشارا لشركتها ..وهذه مسودة العقد
..لا مجاملة في العمل ..إذا لم تعمل أنت سأبحث عن بديل ..ابحث من الآن ..لا تركب دماغك ..ولنفكر بهدوء ..ستأخذ الشركة منك
فترة عملك بعد الظهر ..وستتقاضى أجرا مقابل وقتك وجهدك ..ولن تجد أفضل ولا أأمن منك ..فلا ترفض قبل أن تفكر ..أنت مسئول
عن بيتين ..ولن أتجاوز حدودي أكثر من ذلك ..فكر بهدوء ولا تسمع إلا لصوت العقل..بدأ يهدأ لكنه لم يوقع ..سأل عن استلام الأم
لحقها طمأنه أن كل شيء تم بهدوء رغم أسئلتها الكثيرة ..شكها في كل شيء ..لكنها طيبة ..سألتني عنك ..قلت لها كلاما سيغيرها
تماما ..جاءه صوتها ..تأخرت حبيبي ..أنت هنا ..أم أعجبك المصيف ..أنا عند المحامي ..رائع ..أريدك في موضوع غاية في الأهمية
..أمي تريد أن تكلمك ..حياها ..سلمت عليه ..عزمته على الغذاء ..اعطاه المحامي بعض الأوراق لموكلته ..احسنت الأم استقباله
مازلت غاضبا مني ..صدقني لم أقصد إلا الخير ..ولا يمكن أن أشك في إخلاصك ..يزداد قدرك عندي كل يوم ..قال فيك المحامي
قصائد شعر ..وهو رجل محترم ..سادت لحظات صمت بينهما ..تأكدي أنني لن أسمح للشيطان أن يدخل بيننا ..قام وقبل رأسها ..
قاما معا وساعداها في إعداد الطعام ..تكلما في كل شيء ، فاجأته بأنها ستتبرع بمائة ألف للفقراء وستشارك في مشروعهما ،وتريد
أن يكون لها دور ..سعد كثيرا ..ناقش معها الخطوط العريضة ..جمعية خدمات ..مسجد ..دار مسنين ..حضانة ..وستكونين المديرة
المسئولة ..لديك خبرة ورغبة ..على بركة الله ..المحامي يبحث عن مقر ..ويعد الأوراق ..المهم رضاكي عنا ..كانت تتأمله وهو
يتحدث مع أمها ..وكيف يصغي لها ..يرد عليها ..مشاعر جمة احتشدت في صدرها ..كم أحب هذا الرجل ..يارب بارك لي فيه
أريدك أمي أن توصيه بي ..اقترب موعد الوضع ..أحتاج لمتابعته للشركة ..لن ألتفت لها قبل عدة أشهر ..وهو يصر أن أتابع كل
شيء بنفسي ..لن يتخلى عنك أنا متأكدة ..التفتت إليه ..طبعا هل يمكن أن يتخلى أحد عن روحه ..ضحكا ..استأذنت الأم في الخروج
..اشتقت إليك كثيرا ..أعاني من حركة طفلك التي لا تتوقف ..أرأيت كم أمي طيبة ..لم أستطع أن أخبرك عن موضوع شراء الأرض
لأنك انصرفت بسرعة ..ولا تسيء الظن بالمحامي ..ظل صامتا ..لم تخبرني حبيبي أنك تمر بضائقة مالية ..,اعتقد أنني السبب
انشغلت بي وبمشاكلي عن عملك الإضافي ..لا تلمني إن لم أخبرك فما يهمك يهمني ..وسعادتك تسعدني ..وأنا لم أخسر شيء
بل على العكس ..لم أكسب شيء إلا معك حبيبي ..هل من سيشتري الأرض أحسن مني .حتى تستكثر على أن أحمل همك ..
إذا كنت تحبني ..لا ترفض ..ووقع العقدين ..أشعرني أنه لا فرق بيننا ..أنك ستترك الحساسية في معاملتي ..سأوافق بشرط
أن يكون قرضا سأسدده إن استطعت ..كما تحب ..المهم لا تقلقي على شيء ..فكري في نفسك ..وصحتك ..وإن شاء الله
تقومي بالسلامة ..يبدو أن أول شيء سأفعله أن أشكوك إلى ولدك ..ضحك ..كما تحبين ..أخذت يده تقبلها ..قبل يدها ...
مر بيده على جبهتها ورأسها ..وهو يمتم بكلمات ..تريحها وتسعدها كثيرا ........


23

كان متوترا غاية التوتر ..يمر في طرقات المستشفى ..وكأنه أول طفل ينتظر ولادته..يجلس يفتح مصحفه يقرأ ما تيسر ..يمر الوقت
بطيئا ..جاءته البشرى ..غلام جميل ..اطمأن عليها وعلى الطفل ..كانت في غاية التعب ..تتماسك بصعوبة شديدة ..يرى السعادة في
عينيها رغم كل الألم ..نظر إلى الكائن الصغير ..سبحان الله مخلص النفس من النفس ..باركت له الأم ..كانت في غاية السعادة ..بقي
بجوارها ..كان يسعده كثيرا أن يسقيها ..أن تستند عليه وهي تخطو أول خطواتها ..اختارت الأم اسما ..سألته ..ترك لها الاختيار
أصرت ان تسميه على اسمه ..اريده مثلك ..تماثلت للشفاء بسرعة ..كان شغلها الشاغل ..حمل عنها عبء إدارة الشركة ..كان يصر
ألا يوقع باسمها..يرسل لها ما يحتاج لتوقيع لتوقعه بالبيت ..كانت قد أتقنت الإدارة ..التخطيط ..التنفيذ ..الرقابة ..كان الجميع يحبونها
كانت تتمنى أن يعرف الجميع أنه زوجها ..كان يستمهلها ..صالح الشركة ..وصالحها ..كان الجميع يحبونها ..ويحترمونها ..كانت
شركتها وكأنها أسرة كبيرة ..تشغلها تفاصيل دقيقة تخص كل موظف وموظفة ..كان يعرف سر حبهم لها ..كانت تقف مع الجميع
في كل المناسبات وتشاركهم همومهم وأفراحهم ..كانوا ينالون منها مساعدات ومكافآت تتجاوز مرتباتهم بكثير ..كانت علاقتهما في
الشركة رسمية .وقلما اجتمعا ..وكان عمله بعد الظهر ،ومروره على كل الأقسام يستغرق وقته كله ..الطفل يكبر ..واداه يعملون
ما يحلو لهم ..يسمع عن نجاحاتهما ..بنتيه غحداهما تخرجت في الجامعة و تستعد للزواج .ووالأخرى توشك أن تنهي دراستها
الجامعية ..كان حذرا جدا ..يشعر أنه مراقب ..رغم اتقالها إلى إحدي الشقق الفارهة ..كان يكثر من التردد على خلوته ..نجا من
محاولة الاغتيال ..اتصل به الحارس في منتصف الليل ..محاولة لإحراق الخلوة لولا رعاية الله ..لاحترقت عن آخرها ..سبقته
الشرطة والمطافي ..الخسائر طفيفة ..الكاميرا صورت رجلا ملثما ..ادعى أنه كشاف الكهرباء ..اتهم الأشرار مباشرة ..وأضيفت
لمصائبهم مصيبة ..كان أولاد عمه يحيطون به ..وبأسرته ..والأشرار يخشون الوقوع ..القضايا والأحكام الغيابية تلف حول رقبتهم
حبل المشنقة ..قتل ..مخدرات ..بلطجة ..رغم شعوره في أحيان كثيرة بمن يتتبعه ..كان يعيش حياته ولا يبالي ..فوجيء بولداه في

الشركة ..تعجب لذلك ..نحن موظفان هنا ..كيف لا يمكن أن يعين أحد إلا بوافقتي ..فوجئا بأنه مستشار مجلس الإدارة سعدا لذلك
طلب منهما ألا يخبرا أحدا بأنهما ولداه لصالح العمل ..وسيبحث ذلك مع مجلس الإدارة ..تعجبا من طلبه ..انصرفا وهما غير
مقتنعان ..راجع ملفهما ..وجدهما عينا بعد إعلان ..انها وقعت على الأوراق كلها بنفسها ..ووقعت مكانه ..قال لها على أن أنسحب
من العمل هنا ..ماذا حدث ..تعينون موظفين دون علمي رغم أن ذلك من صميم تخصصي ..كنت سأخبرك عندما تحين الفرصة
عندما تقدما كانا يعملان من قبل ولهما نشاط واضح ..لم نجاملهما ..كيف وقد صار الأكبر رئيسا للقسم بعد شهرين ..تخيلي رئيس
قسم ..يستحق ذلك ..عيبه الوحيد أنه عنيد ..إنها الوراثة ..ضحكت ..لقد تعلمت منك عدم المجاملة في العمل راجع ما قدماه ..لقد
كنت مشغولا عن الشركة الفترة الماضية وكنت أقوم بعملك ..وهما ساعداني كثيرا في التطوير الإعلامي ..وحملات الإعلانات
..قد أكون أخطأت في عدم إخبارك ..لكنه دولاب العمل ..لا تأخذ الموضوع بحساسية ..لا يجب أن يخسرا وظيفة لأنهما ولداك
على العكس ..هما أخوان لابني شئت أم أبيت ..ساقهما القدر إليّ ..أأرفض الهدية ..تنهد ..هز رأسه ..افعلي ما تريدين....
ربنا يستر..


24

كان يتحرى العدل وهو يتعامل مع زوجتيه ،الوقت ..الاهتمام ..حتى المداعبه ..كان يؤلمه

كثرة انصراف زوجته الأولى عنه ..بناتها ..ما تعده لهما ..لم يكن يستسلم .حتى عندما

قالت له :إن الرجال عندما يكبروا يعودون للمراهقة ..لا تنسى قد جاوزت الخمسين ..

هو لا يشعر أن روحه قد شاخت ..ولا يجد أي فرق بين ما مر من عمره منذ مات

والده وهو في مطلع العشرينات ..وحتى الآن..اللهم إلا خبرات تراكمت ..كان شعوره

بالذنب لأنه لم يخبرها بزواجه طوال تلك المدة كبيرا يخشى انفعالهاأن تهدم حياتهما

..أن يرتد ذلك على الأبناء..يدعو الله أن يوفقه لإخبارها بأقل الخسائر ..كانت تصعب

عليه المسألة كان كثيرا ما يشك أنها تعرف ..تزوج إن أردت لكن لن أبقى معك يوما

واحدا بعدها ..كان يحبها حبا راسخا لا يمكن أن ينسى وقفتها إلى جانبه ..كفاحها معه

..مساندتها له ..تركت عملها من أجل أبنائه عندما استحال أن تعمل وتراعيهم ..أختارت

بيتها وأبناءها ..لم تترك بيتها غاضبة طوال ربع قرن ..تتقي الله فيه ..كانت تسره إذا نظر

إليها ..وتحفظه إذا غاب عنها .كان عندما يصل فكره إلى طريق مسدود ..يتوضأ يصلي ..

يسال الله أن يخفف عنه ويهديه ...كان يسعده أن يتذكر كيف بدأ وكيف استقرت الأحوال

..ايقظته من حشد ذكرياته مكالمة زوجته الأولى ..أريدك حالا ..اعطته شيكا ..مليون

ونصف باسمه..قضب جبينه .نعتذر لك حبيبي خطأ غير مقصود ..لم تصرف أرباحك

السنوية منذ خمس سنوات ..اكتشفت ذلك وأنا أراجع ملف العقود ..وما كنت سأسامح

المسئول لولا أنه أخبرني بأنك رفضت وطلبت ألا يخبروني ..واحدة بواحدة..لقد اصبحت.

مليونيرا ..صف لي شعورك ..ضحك من قلبه ..تردين لي السؤال الذي سألتك إياه ..لم

أعد تلميذة ..الحمد لله ..صارت تلميذتك أستاذة ..ما رأيك أن نحتفل اليوم ..إنه يومي

وحتى منتصف الليل ..أنهيا العمل بسرعة ..سأسبقك للبيت ..آخذ الولد في طريقي

..لا تتأخر علي ..لم تكد تصل إلى البيت ..تسمرت في مكانها ..صوت حارس زوجها

مضطربا ..انقلبت سيارتنا اشتعلت ..نحن في المستشفى ..اتصلت بالمحامي .

.بالمهم ..بأصدقاء زوجها ..بولديه ..وهي في الطريق ..اصيبت بالهلع وهي تراه ..

أصرت على نقله بالطائرة إلى مستشفى آخر وفورا ..وأن تجرى له عملية سريعة

في المخ ..وصل أهله فلم يجدوه ..ثارت زوجته الأولى وأبناؤه كيف ينقل؟؟ ..ومن

نقله ؟؟ ولماذا ؟؟هدأهم مدير المستشفى ..لقد نقلته زوجته على مسئوليتها ..

نظر الأبناء للأم ألجمتهم المفاجأة ..طلبوا رؤية الإقرار ..تأكدوا من صحته ..لم يدققوا

في الصورة ..أسرعوا للمستشفى الاخرى ..وهم في حالة انعدام وزن ..طمأنهم

رئيس القسم ..في غرفة العمليات ..الجراحة صعبة ..فصيلة دمه نادرة ..أعطيه

زوجته اقصي ما يمكن ..أكثروا الدعاء ..لم يتوقف الدعاء له طوال ..لمح الولدان

ابن مديرتهم .ذهبوا إليه كان يبكي ..تهدئه خادمته ..حاول الحارس ابعادهم ..

وجد الولد يعرفهم ..بابا في غرفة العمليات ..ماما معه ..أنا خايف ..ممكن تدخلوني

عنده ..بدأ الشك يساورهم ..الشبه كبير جدا بين الابن الأكبر وبين الطفل ..لا حظت

البنات ذلك بسرعة أعطوه حلوى ..سالوه ......بابا اسمه إيه ..يا الله ..إنه أخوهم ...


25

انتابت الجميع مشاعر متداخلة ..دهشة .وجوم ..امتعاض ..الولد الأكبر لم ي يقل شيئا

الأصغر أعجبته المسألة ..مفاجأة من العيار الثقيل ..من حقه ..خدم أكثر من ربع قرن

..البنات لم تكن ترحب بذلك ..الكبرى لم تقل شيئا..الصغرى .لو كان هذا صحيحا ..فقد

أخطأ ..لماذا يخفي علينا ..أكيد خطأ ..الجميع نظر للأم ..لم تقل شيئا ..علينا أن نترك

هذا المكان فورا ..قولي شيئا .يا أمي ..علينا أن نطمئن عليه أولا ..لا أريد أن أسمع

شيئا ..لندعو له بالشفاء وعندها يكون لكل حادث حديث..حاولت أن تتماسك ..

انشغلت عنهم بقراءة القرآن ..خرجت زوجته الثانية من غرفة العمليات مسرعة .

تمسك بها ابنها ..أبقته مع خادمته وحارسه ..أخذت ولده الأكبر ..أسرعت إلى البيت

..صرت مسئولا عنا ..لوالدك وصية يجب أن تفتح الآن فهي موجة لك ..فتحت الخزنة .

.والوصية ..قرأ ما بها ..تماسك بصعوبة ..ركب المحمول اتصل بالأرقام الموصى بها .

.جاءه الرد سريعا وحازما ..اطمئن تحركنا من ثلاث ساعات ..لا تتركوا المستشفى

لأي سبب حتى نتصل بكم ..هناك سيارتان ستصحبكما للمستشفى ..إذا جد جديد

اتصل بنا ..عندما يفيق والدك إن شاء الله ..اتصل فورا ..طلب ان يحادث زوجة أبيه ..

لم تطل المكالمة ..أخذت بعض الأغراض ..انتظرت عشر دقائق ..أسرعا للمستشفى

تحت الحراسة ..أسرعت إلى مدير المستشفى ..أسرع لوالدته وإخوته ينبههم

لم يفهموا أغلب ما قال لهم ..كان كلام الابنة الصغرى مستفزا ..لقد استولت على

الرجل وأبناءه ..هذا الكلام ليس وقته ..صاحبة الشأن لم تقل شيئا.. أيأخذ رأيك

قبل ا يتزوج ..لماذا لا ..أجلوا هذا الكلام ..كان الابن الأكبر واجما ..سألته أمه ما الخبر .

.ربنا يستر ..يبدو أن المسألة غاية في الخطورة ..لن نستطيع التحرك من هنا حتى

تستقر الأمور ..ليست حادثة ..محاولة قتل عن عمد ..نحن جميعا في خطر ..أخذها

اتجها إلى النافذة ..شاهدت ثلاث سيارات بوليس ..وثلاثا أخرى ..من الحراسات

الخاصة ..وواحدة لأعمامه ..تنهدت الأم ..أعطاها مظروفا مغلقا ..حضرت النيابة

للتحقيق.. أخذت أقوال الجميع ..بدت متماسكة ..احتاج لنقل دم ..سارعت إليه .

.سمعوا صياحها ..خذوا دمي كله ..إنه دمه لابد من إنقاذه ..التف حولها الجميع .

.بكى ولدها الصغير ..أخذ إخوته يهدئونه .كنت أتمنى أن تتعرفوا على أخيكم في

ظروف أحسن ..قدر الله ما شاء فعل ..أوصيكم به ..لا يعرفون إلى أين ذهبت ..

تابعوا حالة أبيهم ..استقرت الحالة أخذ يسترد الوعي شيئا فشيئا .....

.فتح عينيه رأى ولده الأكبر وولده الأصغر وابنتيه تخيل أنه ما زال يحلم ......

((يتبع بالحلقة الأخيرة إن شاء الله ونحمده أن أعاننا وسجلناها برقم إيداع))

26

لم تكد تنتصف تلك الليلة حتى كانت 12 سيارة مسلحة تهاجم كل ما يمت له بصلة ..اعتقدوا أنه مازال بالمستشفى
الأولى ..هاجمها ابن عم الشرير بنفسه ..فوجيء بالكمين المعد لهم داخل العرفة ..حاول اطلاق النار ..أطبق عليه
الحراس اصيب وقبض عليه وعلى كل من معه ..من ذهب ليهاجم الأرض ويحرقها ..أصاب حراس البوابة ..
واصطادهم أبناء عمه من فوق القصر ..واحدا واحدا ..قبض على من أصيب وفر من استطاع ..فشل اقتحام الشركة
بسبب الحراسات السرية ..وفشلوا في اقتحام الشقق لوجود أبواب حديدية ..وكاميرات مراقبة ..الفيلا تحرسها
قوات حراسة خاصة بالبعثات الدبلوماسية ..نجح في تأجيرها وبعض الشقق لإحدى السفارات ..أحدث اطلاق النار
في الشارع استنفارا أمنيا شاملا ..اشتعلت بعض الحرائق المحدودة تمت السيطرة عليها ..
مع إشراقة الفجر ..خرج من العناية المركزة ..حمدا لله على السلامة ..قالها الجميع له ..كتب لك عمرا جديدا ..
تمتم بشكرهم ..بحث عن زوجته الأولى بين الموجودين . ..دخلت في غاية التماسك ..ترقب الجميع اللقاء..تحاول رسم ابتسامة لا
تطاوعها ..سلامات ..تحاشى النظر في عينيها ..أمسك يدها ..قبلها ..سحبت يدها بهدوء ..حاول أن يقول لها :
أن الأحداث كانت أقوى من أن يقف أمامها ..أنه خشي أن يفقدها ..لا يمكنه نسيان فضلها ..أنه سجل لها كل
شيء في حينه ..سامحيني..قالها بصعوبة ..خرجت مسرعة قبل أن يسمع الرد ..اختفت ..لم تعد إلى البيت ..
ولا إلى بيت أبيها ..بحث الجميع عنها ..لم يخبره أحد بذلك ..لم يمر يوم إلا ويسأل عنها أكثر من مرة ..تخفون
علي شيئا ..صا رحه ابنه الأكبر ..سمح له بالخروج ..اختفى هو الآخر ..شملت الجميع الحيرة ..ذهبت إلى ابن
عمها الأكبر شيخها ..حاولت أن تلومه ..شكوته لك نصحتني ألا أهدم حياتي بسسب أوهام ..لقد كانت حقائق
تزوج ،وأخفى علي لأكثر من ست سنوات ..بكت كثيرا كما لم تبك من قبل ..ما زلت تحبينه ..لقد بعت الدنيا كلها
من أجله ..سمعت نصيحتي الأولى وتمسكت به ..وعشت معه ربع قرن حياة مستقرة ..لم أرك فيها سوى مرتين
وسمعت نصيحتي الثانية ..ولم تهدمي بيتك ..وزوجت بناتك ..وهو لم يقصر معك ..لقد أفضى كل واحد منكما
للآخر ..أخطأ في أن أخفى عليك ..وقد يكون معذورا ..من منا لا يخطيء ..
استمعي إلية ..أغفري له ..ألا تحبين أن يغفر الله لك ...
كانت تستمع إليه ولا تعقب ..ولم
يطلب منها أن تكف عن البكاء ..تواصلت جلساتهما ..كانت تقرأ عليه القرآن ..كان يصوب لها ..يفسر لها ..وتهرب دائما عندما يحدثها عنه ....
فوجئت به أمامها ..ترك ابن عمها المكان لهما .. لقد كبرنا على أشياء كثيرة كنا نتمسك في الماضيب..سامحيني ..أطمع في
غفرانك لي بحق كل شيء جميل يجمعنا ..سامحيني ..إن لم يكن من أجلي كمخطيء ..فمن أجلي كمحب ..ومن أولادنا ،ومن
أجل كل ما نفخر به من أعمال ..لن نستطيع ان نعيد عجلات الزمن ..لا حظت أنه يتكلم بصعوبة ..
يفكر كثيرا قبل أن ينطق ..خافت عليه ..أخذت تمسح دموعه التي لم يتكلفها ..
..كانت ملامحها الرائعة ..تقول له :سأغفر لك .......
(تمت بحمد الله :صالح شرف الدين)))
(يوليو 2009م)

ليست هناك تعليقات: