الأربعاء، 2 مارس 2011

شاهد على الأحداث2

-أتذكر أرتال الدبابات والجنود التي تمر أمام منزلنا على طريق السويس الصحراوي متجهة إلى سيناء

ما زلت أذكر بعد عشرات السنين بعض ملامح الجنود الذين ذهبوا ولم يعد أغلبهم ،كانت الهزيمة

التي سموها نكسة ،وبدأت عملية ضخمة لتهجير أهل مدن القناة ،وكان التهجير إجباريا لأن اليهود

بدأوا يضربون المدنيين بالغازات القاتلة ،تفرق المهجرون في أنحاء مصر حسب أعمالهم الجديدة

وحسب إمكاناتهم ..وكم كانت سنوات ست عصيبة ،لم أكن مستوعبا وقتها ما يحدث ومعنى النكسة

ومن أهم الحوادث قبل الهجرة ،أننا رأينا معركة جوية سقطت أثرها إحدى الطائرات تخيلنا أنها قريبة

منا وجرينا كبارا وصغارا نحو مكان سقوطها ،كان سقوطها في صحراء المنايف وصلنا هناك وجدناها

طائرة مصرية صارت قطعا صغيرة ،وقد حرص المجرمون أن يضربوا الطيار حتى لا يستطيع أن يقفز

وقد بذل رحمه الله جهدا في البعد عن المدينة حتى لا تزيد الإصابات ،أتذكر أننا جمعنا أجزاء جسد الطيار

وكان أكبر جزء بحجم الكف ..وأحسب أن تلك الحادثة وإن مرت بسرعة تركت أثرا بالغا فما أصعب لقاء

الموت والتأكد من وحشية العدو وتفاهة الحياة ..عدنا ليلا ومعنا أجزاء من الطائرة وتقبلنا عقاب أهلنا

وتحملناه ...كان علينا أن ننتقل إلى الواحات البحرية حيث العمل الجديد لوالدي ..وكانت الحادثة الثانية

التي تبين كيف تخط أصابع القدر حياتنا كما تريد وليس كما نريد ...كان المفوض أن نستقل الطائرة من

القاهرة إلى الواحات البحرية ...وقبل السفر بيوم ألغي الحجز ..وسط غضب منا لأن السفر بالبر قطعة

من العذاب ..الطريق غير ممهد ..ولا توجد وسيلة للسفر سوى عربات النقل الخاصة بشركة النيل وعليها

أن تعبر بحر الرمال بوسائل بدائية ولمدة تزيد عن 12 ساعة ...المهم أن الطائرة التي كان مفروض أن

تقلنا تاهت ولم تصل إلى الواحات ..واستمر البحث عنها عدة أيام ..ولأن الاستهتار بأرواح الناس إجرام

مزمن عندنا توقف البحث دون تنسيق مع الدول المجاورة ودون إصرار منا على العثور عليها ..وبعد أكثر

من سبع سنوات وبالصدفة عندما ذهب الجيش المصري وبلا سبب واضح إلى المنطقة الغربية ..بالصدفة

والاستطلاع يؤمن الوحدات ،وجد الطائرة هبطت إضطراريا في إحدى المنخفضات الصحراوية داخل ليبيا

وطبعا مات كل الركاب قي مأساة من مآسي الأستهتار ،وقد اثر في ذلك كثيرا وفي نظرتي للحياة وفلسفتها ،

كان والدي رحمه الله لايستقر في مكان أكثر من سنة حيث لا يستطيع أن يسكت على خطأ ..كنت أراه يحضر

الكتب الخاصة بكل مهمة يكلف بها ..يقرأ يلخص ..وكانت الكتب أكثر ما يوجد في بيتنا وأكثر ما يرهقنا في

السفر ..عدنا من الواحات بعد رؤيتي لمكان رائع كان مايزال بكرا في كل شيء ..عدنا للقاهرة ...وفي هذا

العام وقبل وقف إطلاق النار حدثت حادثة بينت الفرق الكبير بين القبائل العربية في خط القنال وسيناء وكيف

كانت لدى بعض القبائل القدرة على تحريك الطيران اليهودي ،وكيف ضحت أغلب القبائل وساندت الجيش في

حرب الاستنزاف ..وهو موضوع الحلقة القادمة إن شاء الله

ليست هناك تعليقات: