الأربعاء، 18 نوفمبر 2009

بلاغة 2-استعارة-كناية -مجاز

الاستعارة
ـــــــــــــــــــ
هي التشبيه البليغ ولمن حذفنا أحد طرفيه, وكما نعلم أنه لابد للتشبيه من ركنين لا يمكن الاستغناء عنهما, وهما (المشبه والمشبه به) فإذا تم الاستغناء عن أحد الركنين تحول التشبيه إلى لون بياني آخر وهو الاستعارة , وللاستعارة أنواع تتحدد من خلال المحذوف من ركني التشبيه, فلو حذفنا المشبه سمينا اللون الجديد (استعارة تصريحية) لأنها صرحت بالمشبه به, ولو حذفنا المشبه به خرج لنا نوعا جديدا من الاستعارة وهو (الاستعارة المكنية), وهناك نوع ثالث من الاستعارة وهو (الاستعارة التمثيلية) يعتمد أيضا على التشبيه, ولكن ليس التشبيه البليغ بل يعتمد على الشبيه التمثيلي, وفيه حذفنا المشبه به, وفيما يلي نفصل المقصود بكل نوع من الأنواع الثلاث السابقة.
أنـواع الاستعـارة :
أولا : الاستعارة مكنية :
هي تشبيه حذف منه المشبه به, مع الإبقاء على صفة من صفاته المميزة له والتي تعرفنا به.
مثال: تحدثت الأرض بأمجادنا, وفرحت السماء بشهدائنا .
انظر إلى ذلك المثال تجد أن الأرض لا تتحدث ولكن الذي يتحدث هو الإنسان, وكذلك السماء لا تفرح ولكن الذي يفرح هو الإنسان أيضا, والأصل في المثال (تحدثت الأرض كالإنسان بأمجادنا, وفرحت السماء مثلما يفرح الإنسان بشهدائنا) ولكننا لم نذكر الإنسان وحذفناه وتركنا ما يدل عليه ويميزه عن غيره وهو الكلام والفرح, كما أن الأرض والسماء لا تتحدث ولا تفرح.
مثال: قال عنترة : ومن لبن المعامع قد سقيت...
المعامع المقصود بها المعارك الشديدة القاسية, ولكن المعارك لا تُدِرُ لبنا ليشربه عنترة, ولكنه شبه المعركة بالأم التي يرضع منها, وقد حذف المشبه به وأتي بما يميزه وهو الرضاعة, وبذلك أصبحت استعارة مكنية, فالمعارك لا تُرضع وإنما هذه من صفات الأم أو منصفات الحيوان إن لم تريد أن تصفها بالأم.
ثانيا: الاستعارة التصريحية :
كما قلنا في المقدمة هي تشبيه حذف منه المشبه(الركن الأول) وصرحنا بالمشبه به (الركن الثاني).
مثال : قال ربنا عز وجل :(الله وليُّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور )
في الآية الكريمة تجد أن الله عز وجل شبه الإيمان بالنور وشبه الكفر بالظلمات, وقد صرح الله عز وجل بالمشبه به (الظلمات والنور) وحذف المشبه (الكفر والإيمان).
مثال : سمعت في الحفل بلبلا.
في المثال السابق شبهنا المغني بأنه بلبل, وحذفنا المشبه (المغني) وصرحنا بالمشبه به (بلبل).
مثال : قاد المعركة أسد شجاع.
وهنا شبهنا القائد في المعركة بالأسد, وحذفنا المشبه وصرحنا بالمشبه به.
ثالثا: الاستعارة التمثيلية :
أصلها تشبيه تمثيلي حفنا منه المشبه وهو (الحالة والهيئة الحاضرة) وصرح بالمشبه به وهو (الحالة والهيئة السابقة) مع المحافظة على كلماتها وشكلها وتكثر غالباً في الأمثال عندما تشبه الموقف الجديد بالموقف الذي قيلت فيه .
مثل : لكل جواد كبوة - رجع بخفي حنين - سبق السيف العذل - فمن يزرعِ الشوك يجنِ الجراح .
وشرح ذلك (رجع بخفي حنين)
المقصود به (رجع خائب كأنه رجع بخفي حنين) وقد حذف الحالة التي نتحدث عنها حاليا وهو فشل من نتحدث عنه, واكتفينا بالمثال المشهور الذي يعبر عن هذا الفشل (رجع بخفي حنين) وهو المشبه به.
سر جمال الاستعارة في التشخيص أو التجسيم أو التوضيح

الكناية
هي : تعبير نستعمله في غير معناه الأصلي الذي وضع له, مع جواز إرادة المعنى الأصلي
ومثال ذلك قول العرب قديما ( هذا الرجل كثير رماد القدر)
والمقصود بذلك أنه كريم ويدل على ذلك المعنى الأصلي للعبارة, فقديما كان الطهي على الحطب وكثرة الرماد تحت القدر دليل على كثرة الطهي مما يعنى الكرم, وقد يكون المقصود بالعبارة المعنى الأصلي لها فقط.
مثال: احمر وجه الفتاة .
المعنى المقصود من ذلك هو الخجل والحياء, وقد يكون المقصود منه أيضا هو احمرار وجهها لشيء آخر.
مثال: المسلم يده نظيفة .
المعنى المقصود من هذا التعبير هو العفة والطهارة, وليس غسل اليد, وقد يكون المعنى الأصلي للعبارة والألفاظ هو المقصود من الكلام
أنواع الكناية
1 – كناية عن صفة :
معناها أن نقصد من التعبير الذي نتحدث به صفة معينة مثل (الطهارة والكرم والحياء والندم والخوف والفرح و.......)
مثال : قال الله تعالى (ويوم يعض الظالم على يديه.....)
التعبير القرآني كناية عن صفة وهي الندم, فالمقصود من عض الظالم على يديه أنه يندم ندما شديدا على عدم إتباعه لرسول الله.
مثال: حضرت ورقة الامتحان فاصفر وجهي .
والتعبير هنا كناية عن صفة وهي الخوف والقلق
2 – كناية عن موصوف :
وهى التي يكنى بالتركيب فيها عن ذات أو موصوف (العرب – اللغة – السفينة) ونفهمها من العمل أو الصفة أو اللقب الذي انفرد به الموصوف .
قال الشاعر : يا ابنة اليم ما أبوك بخيل.....
كناية عن موصوف وهو السفينة فمن المعروف أن اليم هو البحر والسفينة مثل ابنته لأنها هي التي تسير فيه.
مثال: يتقاتل البشر حرصا على السيطرة على الذهب الأسود.
الذهب الأسود كناية عن موصوف وهو النفط, وعرفنا ذلك من خلال صفته التي وصفه الناس بها وعرف من خلالها.
3– كناية عن نسبة :
وهى التي يصرح فيها بالصفة ولكنها تنسب إلى شيء متصل بالموصوف (كنسبته إلى الفصاحة – البلاغة – الخير) حيث نأتي فيها بصفة لا تنسب إلى الموصوف مباشرة بل تنسب إلى شيء متصل به ويعود عليه .
مثال : قال الشاعر : أبو نواس في مدح والي مصر :
فما جازه جود ولا حل دونه ولكن يسير الجود حيث يسير
فقد نسب الجود والكرم إلى شيء متصل بالممدوح وهو المكان الذي يوجد فيه الممدوح
مثال: العفاف بين عينيه.
وهنا كناية عن نسبة وهي العفاف وقد نسبناه إلى عينيه لإظهار مدى حيائه وعفته فلا ينظر إلا لما أحل الله له
كيف أفرق بين الكناية والاستعارة ؟
للتفريق بين الكناية والاستعارة لابد لك أن تعلم أن الاستعارة لا يمكن أن نريد بها المعنى الأصلي مطلقا, فلو قلنا (حكا النيل أمجادنا) هل يمكن أن نستعمل العبارة بمعناها اللفظي الحقيقي؟ بالطبع لا بل لابد أن نعرف أن النيل استعارة.
أما الكناية فيمكن أن نريد بها المعنى الأصلي لعبارتها, كقولك (زيد أصفر الوجه) وهنا يمكن أن يكون المعنى الأصلي هو المقصود وأن زيد في الحقيقة وجهه أصفر من أثر المرض, وقد نريد بها الكناية عن الخوف.
سر جمال الكناية في أنها تأتي بالمعنى مصحوبا بالدليل عليه فتؤكده
تدريبات
بين الكناية فيما يأتي :
1 - يقول الشابي مخاطباً المستعمر : سخرت بأنّات شعب ضعيف .
2 - قالت الخنساء في أخيها صخر : طويلُ النِّجادِ رفيعُ العِمَادِ
3- للبارودي وهو يتحدث عن الخديو إسماعيل :
يَوَدُّ الفتَى أنْ يجمعَ الأرضَ كُلَّها إليه ولمَّا يَدْرِ ما اللهُ صانِعُ
4 - قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : الخيل معقود بنواصيها الخير .
5 - قال الله تعالى : (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) (القمر:13) .
6 - لعنترة : وفي الحرب العوان ولدت طفلا ومن لبن المعامع قد سقيت
7 - اليُمْن يتبع ظله والمجد يمشي في ركابه
8 - لعمرو بن كلثوم في معلقته : بِيَوْمِ كَرِيهَةٍ ضَرْباً وَطَعْناً ..
9 - لحسان بن ثابت في الإشادة بصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم :
لا يفخرون إذا نالوا عدوهم وإن أصيبوا فلا خور ولا جُزُعُ
10 - للمتنبي : فالخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ
11 - قال الشاعر : الجود بين ثيابه والفضل بين ركابه
12 – لشوقي في غربته : يا بْنَةَ اليَمِّ ما أبوكِ بَخِيلٌ مَالَهُ مُولَعًا بمَنْعٍ وحَبْسِ ؟
13 - للأعشى في وصف محبوبته : .. ولا تَرَاها لسِرِّ الجار تَخْتَتِل



المجاز المرسل
هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة ، ويجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي للفظ . سمي المجاز بالمجاز المرسل ؛ لأنه غير مقيد بعلاقة واحدة فعلاقاته كثيرة
مثال لذلك : " قبضنا على عين من عيون الأعداء" فلفظ "عين " هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإنما المقصود منها الجاسوس ، و القرينة التي تمنع المعنى الأصلي للفظ هنا أنه لا يمكن القبض على العين فقط دون بقية جسد الجاسوس.
علاقات المجاز المرسل:
1 - الجزئية : عندما نعبر بالجزء ونريد الكل .
يقول جل شأنه (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير.....)
(لحم الخنزير) مجاز مرسل عن الخنزير علاقته الجزئية, فقد ذكر الله تعالى لحم الخنزير وأراد لك جسده من لحم ودم ودهن وغير ذلك.
وقال تعالى: (فتحرير رقبة مؤمنة)
فكلمة ( رقبة ) مجاز مرسل عن الإنسان كله وعلاقتها الجزئية؛ فقد ذكر الجزء (رقبة) وأراد الكل (الإنسان).
2 – الكلية : عندما نعبر بالكل ونريد الجزء .
قال تعالى: (يجعلون أصابعهم في آذانهم)
( أصابعهم) مجاز مرسل علاقته الكلية؛ لأنه عبر بالكل ( أصابعهم ) وأراد الجزء الانامل وأطراف الأصابع.
وقال تعالى (ويوم يعض الظالم على يديه......)
(يديه) مجاز مرسل علاقته الكلية, فقد عبر بالكل اليدين, وأراد الجزء وهو الأصابع.
3 – المحلّية : عندما نعبر بالمكان ونريد الموجود فيه .
قال عز وجل على لسان أبناء يعقوب عليه السلام (واسأل القرية....).
(القرية) مجاز مرسل عم أهلها, علاقته المحليه, فقد ذكر المحل وأراد أهله.
4 – الحاليّة : عندما نعبر بلفظ الحال ونريد المكان نفسه.
قال الله تعالى: (إِنَّ الْأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ)
(نعيم) مجاز مرسل عن الجنة، فقد عبر بالحال الذي هو نعيم, وأراد محل ومكان النعيم وهو الجنة.
الشهداء في رحمة الله.
( رحمة ) مجاز مرسل عن الجنة, فقد عبر بالحال وهو الرحمة وأراد المكان وهو الجنة.
5 – السببية : وهي التعبير بالسبب ونريد المسبب.
أمطرت السماء خيرا.
(خيرا) مجاز مرسل عن السحاب والمطر لأنه سبب الخير, فأتى بالسبب وهو الخير وأراد مسببه وهو السحاب.
6 – المسبَّبِيّة : وهي تسمية الشيء باسم ما تسبب عنه.
قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا ..)
المجاز في كلمة : رزقًا ، فهي في غير معناها الأصلي ؛ لأن الذي ينزل من السماء المطر وليس الرزق، وعبر بالرزق عن المطر؛ لأن الأول (الرزق) متسبب عن الثاني(المطر) .
7 - اعتبار ما كان : وهو التعبير بالحاضر عما كان في الماضي.
قال تعالى : ( وآتوا اليتامى أموالهم ..)
(اليتامى) مجاز مرسل عن الرشيد الذي له الحق في استلام ماله, ومن المعروف أن اليتيم هو الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد, وهو تعبير أراد منه الذين كانوا يتامى.
8 - اعتبار ما سيكون : هو تعبير بمستقبل عما سيكون في الحاضر.
زرعت اليوم نخيلا: (نخيلا) مجاز ورسل عن البذور, فالمقصود أنني زرعت بذورا للنخيل وليس النخل ولكن استخدمت كلمة نخلا باعتبار أن البذور ستصبح نخيلا في المستقبل.
تدريبات
بين كل مجاز مرسل وعلاقته فيما يأتي :
& قال تعالى : ( .. فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ..)(إبراهيم: من الآية37) .
& سأوقد نارا. & سكن الكثير من العظماء مصر.
& له أيادٍ عليّ سابغةٌ & شربت ماء النيل.
& سرق اللص المنزل. & تفرقت كلمة العرب .
& وقال تعالى على لسان نوح عليه السلام:
&(إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً) (نوح:27)
& قال السموءل: تسيل على حد السيوف نفوسنا وليس على غير السيوف تسيل
& وما من يد إلا يد الله فوقها ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم
&( .. فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(آل عمران: من الآية107)
&(.. فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ .. )(طـه: من الآية40
مع أطيب المنى

ليست هناك تعليقات: