الأربعاء، 12 نوفمبر 2008

لن أرتد عن إسلامي أستاذي


تلقيت هذه الرسالة من إحدى تلميذاتي ، قرأتها أكثر من مرة ، ووجدت في نشرها كنوع

من الإبداع الإنساني الرائع الذي يترجم واقعا حياتيا ، وبعيدا عن ضبابيات ومناقشات

الله أعلم بأهدافها-وجدت في ذلك فائدة، أتمنى أن تجدوا فيها ما يستحق الاحتفال:

"أستاذي ..قد لا تذكرني في البداية ..لكنك تتذكر البنت الصغيرة الراسبة في الصف الرابع

الابتدائي..تذكر كيف ساعدتها ..وواصلت رعايتها حتى دخلت الجامعة..لم تدرسها مادة

واحدة، ولكن علمتها :كيف تنجح في الحياة ..أعطيتها من أول لحظة ثقة رائعة في نفسها

وهي الفتاة الراسبة بسبب التفسخ الأسري..واهمال الجميع لها ..كنت حازما أستاذي وكنت

كثيرة الاعتراض ..لكنني أسمع الكلام في النهاية ..لقد كنت أشعر أنك تحبني حبا أبويا لم

يشعرني به أبي ..أذكر أن أول معروف قدمته لي :أنك منعتهم من ضربي ، سمعتك تقول

بحزم لهم :إذا لم يُسمع كلامي فلن أتحمل المسئولية ، لا يمد أحد عليها يده ، كنت تربيهم

، عرفت الابتسامة معك لأول مرة ، تسع سنوات أستاذي مرت بسرعة ، وكلما حققت

نجاحا أحس أن تفرح أكثر مني ، ويزداد أهلي ثقة بك ..تذكر الفتاة الصغيرة التعسة التي

تعيش مع أب شديد القسوة لا يعرف إلا السباب والضرب ، وحتى الآن لم أعرف كيف

منعته من ضربي ، صار يهدد فقط ، هذا الأب الذي غير دينه ليتزوج أمي ثم غير دينه

ثانية ليتزوج من زوجته الحاليه ويتخلص من أمي التي تركتني له ولم تعش طويلا ،

وزوجة أبي أكثر حنانا منه علي فهي أم لأخويّ، هذه الفتاة يتيمة الأم أخذت تكبر ..

وتثق فيك ثقة لا حدود لها ..تذكر تلك الأسئلة التي أسألك إياها والتي تستحي منها

أي فتاة وعندما أتردد ..كنت تقول لي لا حياء في الدين ..تكتب لي الإجابة ، وتشرح

وتعيد الشرح بصبر وطول بال ..كنت تطلب مني الصلاة ، وتحفظني القرآن ،ولم

أكن أسمع كلامك ..وقليلا ما كنت أصلي ..وأنت لا تمل من نصحي ..لم تكن تعرف

أن جدتي لأمي تلح عليّ لأبقى معها ، وأن علي أن أترك ديني فهو دين المتخلفين

وأمي أوربية متقدمة ، وأوشكت أن أطاوعها ، تذكر أنك حذرتني من ذلك وقلت لي

أجلي ذلك حتى تتمي دراستك ، وزوجة أبيك وأبوك أفضل من جدتك التي لن تستطيع

أن تنفق عليك حتى تتمي تعليمك ، كم أشكرك استاذي ، عندما طلبت من جدتي أن

توفر لي فرصة للتعليم عندها ، قالت لي :عليك أن تعملي وتنفقي على دراستك ..!

أصارحك كنت أتمنى أن تكون مخطئا ، ولكني أكتشف صدقك معي فأزداد ت***ا بك

وثقة في نصحك ، وإن لم أنفذ بعضه..تذكر أستاذي عندما سألتك وأنا في الجامعة

أسئلة صعبة عن حرية الاعتقاد تذكر أنك طلبت مني أن أرتب معك وقتا كافيا للإجابة

أسعدني احترامك لأسئلتي وعدم تسفيه رأيي ،أذكر أنني أخترت المكان ، ,لا تعلم أنني

كنت أسجل لك كل ما تقول ، تذكر أنك قلت لي :كوني عادلة مع نفسك ولا تظلميها

وتدخليها النار ، أمامك سنوات لتفهمي حقيقة الأديان وتختاري بحرية كما تقولين

فلا تتسرعي ، تذكر أنني طلبت منك إنجيلا فاحضرت لي العهد القديم والعهد الجديد

كله..تذكر قولك لي وأنا صغيرة عندما كنت أسألك عن حبي لدين أمي ورغبتي في

ان أكون مثلها ..كنت تقول لي :كيف تتركي منزلا كبيرا به 25 غرفة وتذهبي لتقيمي

في غرفة واحدة ، وهي موجودة في البيت الكبير ..كنت أستاذي أصدقك لكن شيطاني

كان يريد شيئا آخر ..تخرجت في الجامعة ..وبلغت سن الرشد ..وقررت السفر لجدتي

وفي نيتي ألا أعود سافرت أستاذي ، وأخذت معي مصحفك الرائع الذي أهديتني إياه

عندما نجحت في الثانوية العامة ..أخذته لأحتفظ بالاهداء الجميل :"احفظي الله

يحفظك ..أحفظي الله ..تجدينه تجاهك ..أذا سألت فسألي الله ..وإذا استعنت ...

فاستعيني بالله" أخذته أستاذي وأنا في نيتي أن أبقى هناك وأبدل ديني ..لا تضحك

علي ..أنا كما كنت تمزح معي :مجموعة من المتناقضات والمآسى ..رحبت جدتي بي

وعرفتني على مجموعة من أقاربها ، تقول أنهم أقاربي ،لكنني لا أعرفهم ، أغروني

بالمال والوظيفة ، وطلبوا مني الإسرع بتبديل ديني ، لكنك كنت معي بكل ما غرسته فيّ

من أصول ،طلبت منهم أن أتعرف على الدين الجديد ، وهنا فوجئت بتسخيف كلامي ،

والسخرية مني ، قالوا لي :لا يفهم الدين إلا من يعمل به تريدين أن تكوني مبشرة!!

سألتهم سؤالك :ماذا يعطي دينكم المرأة من حقوق ، استغربوا سؤالي ، وقالوا :الحقوق

ينظمها القانون لا الدين ، ستصبحين من العالم المتقدم ، وسنبسط عليك حمايتنا ،نحن

الأقوى وستتفتح لك أبواب الثراء ، سنسجل تجربتك ، وستحكين قصتك مع المتخلفين ،

وكيف اخترت الأفضل ،وستلقين تعاطفا محليا وعالميا منقطع النظير ، وسيزيد من ذلك

قرابتك للنجم العالمي الشهير ،كنت مذهولة من هذا الكلام لأنك قلته لي :هم لا يريدون

دينا فالدين لله هم يتصارعون على الدنيا وملذاتها وأموالها والنفوذ فيها ، العلاقة بين

الإنسان وربه علاقة حميمة لا تحتاج تشهير ، لقد قلت لي لقد زال سلطان الكنيسة مع

بداية عصر النهضة ، وبدلا من أن توجه الكنيسة جهودها إلى التابعين لها اسما من

رعاياها ، تنشط في إخراج أبناء الديانات الأخرى من دينهم رغبة في الدنيا وليس الدين.

لفت نظرهم وجومي فبدأ إجرامهم معي عندما تأكدوا من ترددي ، وكلما زادوا لهفة في

سرعة إعلاني عن تغيير ديني ،ازددت ترددا ، لقد حذرتني أستاذي من أن أشرب شيئا

أو آكل شيئا ، وفعلا حاولوا أن يجعلوني أدمن الخمر ، وتصوروا أنني أشرب ما يعطونه

لي وأنا أضعه في كيس معي وأرميه في سلة القمامة..تذكر أستاذي كيف تعجبت منك عندما

قلت لي : أحذري أن يخضعوك جنسيا ..علمتني :كيف أحافظ على نفسي من ذلك ..وكيف

لا أثق بإي أحد ولا أتواجد منفردة بأحد ، وأنني إذا دخلت مكانا غريبا فعلي أن أعرف كيف

أخرج منه ..كان شيطاني يسخر منك ..تذكرت كل ذلك عندما ظنوا أنهم استدرجوني ،وأسكروني

وهم ثلاثتهم ، لا يعلمون أنني في كامل وعيي، وأنهم هم من سكر ، جذبني أحدهم فضربته

ضربة تعلمتها ففقد الوعي ، ومزق الثاني قميصي الخارجي ، فعدت إلى الوراء فوقف

وهو يترنح فدفعته بقدمي فسقط على الأرض ، والثالث فاجأته( بالسوبر أتاك) وكانت

البنات اللاتي استدرجنني يتفرجن عليّ ، انصرفت مسرعة ، وكان في انتظاري شخص

قابلته في المركز الإسلامي ، طلبت منه أن يسرع لنجدتي إذا طلبت رقمه فبادر بأن

يكون قريبا مني ..نجوت أستاذي ..ظللت أبكي حتى الصباح ..فأخذي النوم ، وعندما قمت

قمت إنسانة أخرى ، لقد كانت محاولتهم اغتصابي سببا في قراري النهائي بألا أترك

ديني ، تذكرت قولك لي :أنه لا علاقة بين الإسلام وبين تخلف المسلمين ، ولا علاقة

لتقدم الغرب بالرقي الأخلاقي والديني ، قلته أستاذي كلاما ووجدته حقيقة على أرض

الواقع ، المهم حاولوا الاعتذار ، وعندما وجدت في أعينهم ملامح الغدر لجأت للمركز

الإسلامي ، الذي نصحوني فيه مخلصين أن أتصل بوالدي ليحضر ويأخذني ، حضر أبي

بسرعة لأنني بكيت في التليفون ، وكم كانت وقاحة أبي التي عانيت منها مفخرة لي

وأنا أراه يكيل لجدتي وكل من يمت لها بصلة يكيل لها وصلات الردح ، ويهددها إن

طلبت أن تراني ، وأنه سيقتل بجد كل من يفكر أن يمس شعرة مني ، لم أر أبي كذلك

من قبل ، أخفيت عنه أسماءهم حتى عدت معه ، وتوثقت علاقتي بأبي لأول مرة لقد

كنت تحدثني عن حب أبي لي لكنني لم أحسه من قبل ،لقد زلزلني هذا الموقف ،لقد

صرت أصلي أستاذي ، البنت البائسة الصغيرة التي لم تكن تحفظ سورة الفاتحة ،ولم

تكن تعرف الفرق بين عدد ركعات العصر والمغرب ، هذه الفتاة تقوم الليل بسورة

البقرة كاملة ،أبي يسخر مني ،وزوجة أبي تشجعني وكم كنت سعيدة عندما فوجئت

بالشاب الذي ساعدني ، وهو يتقدم لأبي يطلب الزواج مني ، والغريبة أنه أقنع أبي

رغم أن أبي لا يقتنع بسهوله ..إنه يشبهك أستاذي ..لقد تم الزواج بسرعة ..وسنسافر

معا ليتسلم عملا جديدا في بلد آخر ..وعندما كنا نجهز للسفر ..وجدت أوراقك وكل ما

سجلته لي قرأه زوجي باهتمام ، وقرأ رسالتي ولم يحذف منها شيئا لكنه صححها لغويا

لقد بكى وهو يقرأها ، وقال لي :علينا أن نقول لمن لهم فضل علينا بعد الله شكرا ، ولولا

ضيق الوقت لكان لنا لقاء أستاذي ، وسنلتقي بحول الله ، ولك عندي مفاجأة سارة بإذن

الله ..

والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته

تلميذتك
..........................................

(أنا في انتظار المفاجاة ، وحقا :

"إن الله يحول بين المرء وقلبه"
...........................................
مع أطيب المنى:صالح شرف الدين
...........................................


هناك تعليق واحد:

moud يقول...

ونعم المعلم انت
جزيت خيرا وجعله الله في ميزان حسناتكم