الاثنين، 9 مارس 2009

سأغفر لك(1)

فوجيء بعجوز في انتظاره ..جاوزت السبعين ..تبدي صلابة ..وبقايا جمال..لم تستطع
خطوط الدهر محوه .رحب بها ..أنت لا تعرفني .. جئت من أجل حفيدتي .. بحث عن
الاسم ..ربما هناك خطأ ..الاسم غير مسجل لدينا ...قالت :أدري ..أدري..أنا أم ....
هز رأسه ...كيف حالها الآن ...لم أتركها ..وصيت عليها ...مازالت في المستشفى؟
..لا.. خرجت ..ولكن حالتها تسوء ..جئت لتنقذها معي..أنا تحت أمرك ..أنت جاد ....
طبعا طبعا ..كيف أتخلى عن من يحتاجني؟ ففاجأته بقولها :جئتك خاطبة !!!
عرته الدهشة ..واصلت بسرعة ..لم يبق في عمري الا القليل..أريد أن أرى حفيدتي
سعيدة ..تعلقت بك ..أنت السبب ..لا تتخلى عنها ...
قام مسرعا وأغلق الباب ..لا أعرف عما تتحدثين ..لم أر حفيدتك سوى مرتين ...
قبل أن تنقل إلى المستشفى ...وعندما أفاقت ..أنا اسمي ....واعمل....أنت متأكدة
أنني المقصود ..طبعا متأكدة ...وأعرف أن المكان غير مناسب ..سأرسل لك
السائق في فترة الراحة ..خذ معي الشاي ..ونكمل ..حاول الهروب ...قالت :إعتبرني
مثل والدتك رحمها الله ...لو كانت حية لوفرت على الكثير ..سأعتبرسكوتك وعد ..
خرجت مسرعة ..وبقي واجما ..يحاول جمع شتات نفسه بصعوبة..أخذ يتذكر ما
حدث ..يفتش عن خطأ ..حدثته نفسه ..لن تخسر شيئا ..لا بد أن العجوز مخطئة ..
نازعته نفسه ألا يذهب ..لا.. يجب أن يذهب لتتضح الأمور ..لا يوجد ما يخشاه...
أخرجه دولاب العمل مما ساوره ....
جاءه السائق ..بهذه السرعة ...لم يشعر بالوقت...استمهله ..صلى الظهر ...قال
لنفسه ..لماذا التردد ..السيارة فارهة ...أوصله حتى الباب..فيلا قديمة الطراز
وجد العجوز تستقبله قائلة :كنت متأكدة أنك ستحضر...
سألها ما سر معرفتك بأمي ..كانت جارتنا .درست معي .. سألت عنها وأنا أسأل
عنك...وفرحت لأنك ولدها ..كانت وفية وذكية ..ولا يمكن أن تتخلى عمن تحب.!
قال لها بحدة :جاءت حفيدك تتابع ولدها ..لم نتكلم في شيء سوى كفية علاجه
ولما لم نتفق أعطيتها مجموعة من الكتب ..طلبت أن تقرأها ..ونتناقش فيها
حتى تربيه بوعي ولا تفسد ما نقوم به ...فوجئت وأنا أودعها بسقوطها مغشيا
عليها ..سارعنا بها للمستشفى ..وعندما أحتاجت لدم ...تطوعت باعطائها ..
وذهبت عندما اطمأننت عليها ..هذا كل ما حدث ...!
قالت : لم أقصد أن أغضبك ..أنا كالغريق الذي يتعلق بأي شيء..
أرجوك ياخالة :قولي شيا محددا ..قالت :اشرب الشاي واهدأ ..وسأخبرك...
عادت حفيدتي من المستشفى ..لا تتحدث إلا عنك ..كيف وقفت بجانبها ..وضمنت
ولدها ليعود للمدرسة بعد أن فصل ..وأخذتها للمستشفى ..وأعطيتها من دمك .....
لا أجدها إلا تقرأ في تلك الكتب ..أو تسأل أبنها عنك ...أو تبكي ..نقص وزنها عشرة
كيلو..أسألها عن سبب البكاء ..فتقول :أريد أن أموت جدتي ...أحبه ولا أحسبه
يشعر بي ..ولا أحسبني أقدر على مصارحته..لا أملك قلبي جدتي ...فشلت مرتين
وأظن هذه المرة ستقضي علي ..؟؟
لو كنت مكاني ماذا تفعل ..مجرد حضورك سيكون له فعل السحر ..بيدك أن تقضي
عليها ..وبيدك أن تعيد بث الأمل فيها فتواصل الحياة ..ولدي.. الحياة كانت قاسية
معها ..قولي لي بربك ..ما المطلوب مني ؟ لا تتخلى عنها ..لدي مسئوليات كثيرة
اسمحي لي بالأنصراف .. ليس قبل أن تعدني أن تفكر في أن تقف بجانب من يحبك
ويحتاج لوقفتك..لم أتعود أن أتخلى عن أحد ..لكن ماتطلبين صعب ..لا يمكن أن
أوافق على البدء في بناء بيت على أنقاض بيت آخر ظللت أبني فيه عشرين سنة!
وأنا غير متأكد أن الجديد سيتم ،وحتى لو لم يهدم بيتي الأول ، فأنا لن أستطيع أن
أعدل بين زوجتين.. لن أبيع دنياي بآخرتي .قالها بسرعة واتجه نحو الباب ......
(يتبع)

ليست هناك تعليقات: