الأحد، 29 مارس 2009

سأغفر لك(5)

خرجا..تلفت حوله ..
أشار لها أن تبقى داخل مدخل العمارة ..أسرع مبتعدا ..تأكد من عدم وجود متابع
.أحصر سيارة أجرة .ركبت وولدها ..طلب من السيارة التوقف عند أحد الدكاكيين
دخلوا من باب ..وخرجوا من باب آخر ..استقلوا سيارة أجرة أخرى ..طلب منه الوقوف في
شارع رئيسي .ساروا دقيقتين إلى شارع جانبي .دخلوا عمارة من خمسة طوابق ..صعدوا
للطابق الخامس ..طلب منها ألا تفتح للأحد مهما كان ... أخرج هاتفه المحمول قام بتفكيكه
وفعل الشيء نفسه بهاتفها ..فصل هاتف الشقة ..أحكم غلق الستائر ..كان يتحرك بسرعة
تنشغل أحيانا بالطفل أو تتابع حركته ، أخرج هاتفا آخر قام بتشغيله أتصل بعمله طلب
إجازة لسفر مفاجيء بتاريخ اليوم والجهة مجهولة ..اتصل بأسرته طلب منهم
أن يغادروا المنزل فورا ، ويذهبوا إلى عمه في المدينة الساحلية ..لم يدع لهم فرصة
للنقاش ..ظرف طاريء سفر مفاجيء..خذوا ما يكفيكم أسبوعين ..لا أريد أية شكوى
من العم ..اتصل بعمه أعطاه ملخصا للموضوع ..طمأنه ..حذره من أية خطأ .
.اتصل بأولاد عمه في الجنوب استنفر الجميع لحماية أسرته ..سارع الجميع لرد
ماله عليهم من أياد بيضاء..كانت تتأمله ولا تعقب ..استغرق وقتا طويلا في ترتيب
كل صغيرة وكبيرة ..ألن تصلي العصر ..بلي أخشى أن يفوتني ..ما رأيك في هذه الخلوة
..جميله الألوان هادئة مريحة ..الأثاث بسيط لكنه جميل متناسق ..هذه صومعتي
لا يعرف طريقها أحد غيري .أخلو لنفسي فيها مرة او مرتين في كل شهر..
أخذها ومر بها في أنحاء الشقة ..جعلها ترى النيل من خلف الستائر ..
توقف عند المكتب أخرج ورقة من أحد الأدراج ..كتب عليها عدة كلمات
..قدمها لها ..هذا مهرك ..عقد الشقة ..كل ما أملك الآن..عرفتي خلوتي .
.سأبحث عن أخري ..رفضت ..لا أريد شيئا تكفي وقفتك معي..فتح حقيبة
يدها ودس الورقة ..أمسكت يده ..سببت لك مشاكلا كثيرة كنت في غنى عنها
لا تقولي ذلك فكري في القادم نحتاج لصفاء ذهني كبير ..توقع كل الاحتمالات
لا يجب أن يسبقنا الشرير..أنا مسئول عنك الآن ..أجلسها ووضع يده فوق يدها
..حاول أن ينظر في عينيها ..كانت تتحاشى ذلك ..قاما صليا العصر ..وضع يده
على مقدمة رأسها وأخذ يتمتم بكلمات يحفظها ..وجدها تبكي ..واصل القراءة ..
أرتفع صوته .كرر ما يقرأ فقدت الوعي واصل القراءة ورأسها في حجره
..كانت قراءته واثقة فيها حدة ..وإصرار ..وتفهم للمعنى
لم يدر كم ساعة مرت ..أفاقت ..متعجبة مما رأته ..أين أنا ..صح النوم .
.نمت فلم أوقظك ..أخر ما أذكره قراءتك للقرآن وإحساسي بصداع شديد ..
أعوذ بالله من الشيطان ..أشياء سيئة رأيتها ..لا تحكي عنها ..تربعت أمامه
على سجادة الصلاة ..نظر في عينيها ولم تبعدها هذه المرة تركته يتأملها .
.لم ير في حياته أجمل منهما ..تنهد..قال لها نام الصبي سأنقله إلى تلك الغرفة .
.تنامين معه وأنام أنا هنا ..أترى تلك بداية جيدة لمن تزوجا منذ ساعات فقط .؟
..فاجأه السؤال ..حاول أن يقول شيئا .ضحكت ..لم أقصد احراجك ..لكن إخراجك
مما أراه من هم يخيم عليك ..وما أشعر به من رعب مما قد يحدث لنا بسببي
..لمعت عيناه ..فعلا عندك حق .أتضور جوعا عندي طعام جاف يمكن أن ينفعنا
ما رأيك في عشاء جاف لعروسين.................................... ؟؟
أكلا معا .تبادلا أحاديثا جانبية ..أبدى إعجابه بما صنعت وإعجابه بها ..
بادلته المشاعر ..كان معها كما أرادت وأحسن ..بذل كل ما يستطيع لكي تكون سعيدة ..
أدهشتها رقته التي لم تتوقعها لمظهره الصارم .أسرها حنانه عليها ، وملكتها رجولته
ونبله معها ..تأملها وقد غفت ..طار النوم من عينيه ..لم يملك نفسه من البكاء–
وهو يرى آثار التعذيب ..نام وهو جالس ..أيقظته ..خيرا خيرا ..لماذا تصرخ .
.من الذي لن تفلته ؟..اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..إنه كابوس ..لا حول ولا قوةإلابالله
..أمسك يدها التي تعبث في شعره ..ونظر لها نظرة طويلة .. سألها معاتبا لماذا
أخفيت عليّ...؟ ردت وقد أشاحت بوجهها بعيدا ..هذه قصة طويلة ..حكيها مؤلم أكثر
من التعذيب الذي ترى آثاره ففي روحي جروحا مازالت تنزف .
.احتواها وأخذ يربت عليها بهدوء كفت عن البكاء أخذهما النوم.(تتبع)

ليست هناك تعليقات: