الأحد، 22 أغسطس 2010

العاشر من رمضان 1393هـ5

التغلب على الصعوبات



كان خط بارليف وهو أقوى خط دفاعي في التاريخ الحديث يبدأ من قناة السويس

وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء على إمتداد الضفة الشرقية للقناة

وهو من خطين: يتكون من تجهيزات هندسية ومرابض للدبابات والمدفعية

وتحتله احتياطيات من المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية ،

بطول 170 كم على طول قناة السويس. بعد عام 1967

قامت إسرائيل ببناء خط بارليف ، والذي إقترحه حاييم بارليف

رئيس الاركان الإسرائيلي في الفترة ما بعد حرب 1967

من أجل تأمين الجيش الإسرائيلي المحتل لشبه جزيرة سيناء.


ضم خط بارليف 22 موقعا دفاعيا ، 26 نقطة حصينة ،

و تم تحصين مبانيها بالاسمنت المسلح والكتل الخرسانية

و قضبان السكك الحديدية للوقاية ضد كل أعمال القصف ،

كما كانت كل نقطة تضم 26 دشمة للرشاشات ،

24ملجأ للافراد بالاضافة إلى مجموعة من الدشم الخاصة

بالأسلحة المضادة للدبابات ومرابض للدبابات والهاونات ،

و 15 نطاقا من الأسلاك الشائكة وحقول الألغام

وكل نقطة حصينة عبارة عن منشأة هندسية معقدة

وتتكون من عدة طوابق وتغوص في باطن الأرض ومساحتها تبلغ 4000 متراً مربعا

وزودت كل نقطة بعدد من الملاجئ و الدشم التي تتحمل القصف الجوي

وضرب المدفعية الثقيلة، وكل دشمة لها عدة فتحات لأسلحة المدفعية والدبابات ،

وتتصل الدشم ببعضها البعض عن طريق خنادق عميقة،

وكل نقطة مجهزة بما يمكنها من تحقيق الدفاع الدائري

إذا ما سقط أي جزء من الأجزاء المجاورة ،

ويتصل كل موقع بالمواقع الأخرى سلكيا ولاسلكيا

بالاضافة إلى إتصاله بالقيادات المحلية مع ربط الخطوط التليفونية

بشبكة الخطوط المدنية في إسرائيل ليستطيع الجندي الاسرائيلي

في خط بارليف محادثة منزله في إسرائيل .


تميز خط برليف بساتر ترابى ذو إرتفاع كبير (من 20 الي 22 متر)

وانحدار بزاوية 45درجة علي الجانب المواجه للقناة ، كما تميز بوجود 20 نقطة حصينة

تسمى دشم علي مسافات تتراوح من 10 الي 12 كم

وفي كل نقطة حوالي 15 جندي تنحصر مسؤليتهم علي الإبلاغ

عن أي محاولة لعبور القناة و توجية المدفعية الي مكان القوات التي تحاول العبور.

كما كانت عليه مصاطب ثابتة للدبابات ،

بحيث تكون لها نقاط ثابتة للقصف في حالة استدعائها في حالات الطوارئ.

كما كان في قاعدته أنابيب تصب في قناة السويس

لإشعال سطح القناة بالنابالم في حال حاولت القوات العبور،

ولكن قبل العبور قامت الضفادع البشرية وهي قوات بحرية خاصة

بسد تلك الأنابيت تمهيداً لعبور القوات في اليوم التالي.



روجت إسرائيل طويلا لهذا الخط علي أنة مستحيل العبور

وأنه يسطيع إبادة الجيش المصري إذا ما حاول عبور قناة السويس ،

كما أدعت أنه أقوى من خط ماجينوه الذي بناه الفرنسيون في الحرب العالمية.


أولاً التدريب علي إقتحام خط بارليف

كانت الحاجة ملحة للتدريب على اقتحام خط برليف

حتى اذا ما حانت اللحظة الحاسمة كان الرجال يعرفون طريقهم جيدا

ولما كان ذلك مستحيلا من الناحية العملية لعدم وجود تخطيط

بحوزة الجيش المصري لخط برليف استعانت المخابرات المصرية

بالجاسوس المصري رفيع المستوى رفعت الجمال( المعرف لنا بإسم رأفت الهجان )




صورة لرفعت الجمال


الذى استطاع على مدى ست سنوات كاملة منذ حرب 1967

بتزويد مصر بأدق التفاصيل عن قطاعات خط برليف

ومن ثم استطاعت مصر بناء قطاعات مطابقة للخط

على السهل الصحراوي المجاور لمناطق استصلاح الاراضي فى الصحراء الغربية

ونقل الجنود الى مواقع التدريب العملي فى سيارات مطلية باللون الاحمر

وعليها اسم احد المقاولين ووضعت وسط الخيام البالية فى هذا الموقع

لافتة خشبية كتب عليها انها تابعة

"للمؤسسة المصرية العامة لاستصلاح الاراضي"

ولم ينس رجال المخابرات ان يطمسوا جزء من اللافتة بالرمال

لاخفاء بعض احرف الكلمات بحيث يبدو الموقع متهالكا

ولكى يكون على اجهزة قراءة الصور الجوية المعادية ان تستخدم خيالها

فى استكمال الاحرف الناقصة ثم تُهلل فرحا لرصدها!.




التغلب علي الساتر الترابي

سلاح المهندسين قامت مجموعات خاصة بتحليل عدة عينات

من الساتر الترابي تم جلبها اثناء احدى عمليات الإستنزاف،

وجرت عمليات تحديد مكونات هذه الأتربة وانسب انواع الطلقات

التى يمكن لها ان تخترق السد الترابي. وتماثلت نتائج التحليل

مع نتائج تحليل عينات آخرى تم احضارها من جزيرة (البلاح)

من نواتج اعمال تعميق وتطهير قناة السويس،

وثبت ان مكونات نواتج التطهير الموجودة فى جزيرة البلاح ممائلة

لمكونات الساتر الترابي الذى اقامته اسرائيل امام مواقعها الحصينة شرق القناة،

وتم الرجوع الى ملف (التجريف) الذى سبق اعداده.


وحكاية هذا الملف تعود الى عدة تجارب تمت بنجاح

فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر على التعامل مع هذه الاتربة

واثبتت هذه التجارب امكانية التغلب على الساتر الترابي بسرعة وفاعلية،

بشرط تماثل مكونات الساتر الترابي مع نواتج تطهير القناة الموجودة فى البلاح،

وترجع احداث هذه الخطة الى عامين سابقين عندما كانت قيادة الفرقة 19 مشاة

تناقش دورها فى خطة الاعداد للعبور وكيفية نقل المشاة بكامل معداتها ومركباتها

الى شرق القناة وكان ضمن المجتمعيين

ضابط شاب برتبة مقدم اسمه (باقي ذكي)

وكان وقتها يشغل منصب قائد فرع المركبات بالفرقة 19 مشاه.


وكان المقدم باقي قد انتدب من قبل للعمل فى السد العالي

وشهد هناك عملية تجريف رمال الجبال بإستخدام المياة المضغوطة

وشرح ما رآه فى السد العالى عام 1964 عندما كان يتم التجريف

بواسطة مضخات رفع مياه النيل ودفعها بقوة فى خراطيم

يتم تسليطها على رمال الجبال التى يسهل بعد ذلك شفطها،

وكان الأمر بالنسبة للساتر الترابي اسهل كثيرا

لاننا لن نحتاج الى اعادة شفط الرمال لأنها ستنساب تلقائيا الى القناة نفسها.

اذن المشكلة هي في توفير مضخات دفع المياة بهذه القوة امام مواقع معادية

وفي وقت قصير والاهم توفير مصدر الطاقة التى ستدير هذه المضخات.



وقبل ان يتم ارسال هذه النتائج التى توصلت اليها الفرقة 19 مشاة

الى القيادات العليا تمت تجربة على نواتج التطهير فى البلاح

باستخدام طلمبات ضغط عال تعمل بالطاقة الكهربائية

وتحميلها على براطيم عائمة لتشفط المياه من القناة وتدفعها الى الخراطيم

وحققت التجربة نجاحا مذهلا.


وارسل اللواء سعد زغلول قائد الفرقة 19 مشاه هذه النتائج الى القيادة العامة

وابلغ بها وزير الحربية زتم يومها نقل التفاصيل الى الرئيس جمال عبد الناصر

الذى طلب مواصلة التجارب وتحديد المعدات المطلوبة.


ومضت الشهور وعندما حان موعد وضع الخطط تم فتح ملف التجريف

واعيدت التجربة مرة آخرى فى البلاح.


واعدة وزارة السد العالي تقرير مفصل مدعم بالصور عن اسلوب التجريف

الذى تم اتباعه فى اسوان، واستطاع سلاح المهندسين

ان يضع مواصفات مدافع المياة المطلوبة بحيث تكون اصغر كثيرا من المعدات

التى استخدمت فى السد العالى وان تعمل بالوقود حيث لن تتوافر الكهرباء.


وبدراسة قدرة البراطيم العائمة على حمل الطلمبات الميكانيكية

التى تعمل بالوقود وقوة المياة المندفعة ثبت نجاح الفكرة

واصبح هناك مدفع مياه يستطيع فتح ثغرة فى الساتر الترابي

فى وقت قياسي يفوق كل الوسائل التقليدية ومنها القصف والتفجير.


ولذلك خلال الحرب تمكن الجيش المصري في يوم السادس من أكتوبر عام 1973

من عبور قناة السويس و إختراق الساتر الترابي في 81 مكان مختلف

وإزالة 3 ملايين متر مكعب من التراب عن طريق استخدام مضخات مياة

ذات ضغط عال ، قامت بشرائها وزارة الزراعة للتمويه السياسي

ومن ثم تم الإستيلاء على أغلب نقاطه الحصينة

بخسائر محدودة ومن ال 441 عسكري إسرائيلي قتل 126 و أسر 161

و لم تصمد إلا نقطة واحدة هي نقطة بودابست في أقصي الشمال

في مواجهة بورسعيد وقد إعترض أرئيل شارون الذي كان قائد الجبهة الجنوبية

علي فكرة الخط الثابت وإقترح تحصينات متحركة وأكثر قتالية

ولكنة زاد من تحصيناته أثناء حرب الإستنزاف.

وبلغت تكاليف خط بارليف 500 مليون دولار في ذلك الوقت .

ليست هناك تعليقات: