الثلاثاء، 24 أغسطس 2010

سأغفر لك 30

30
كانت أم ولده الأصغر تتابع أخباره وأخبار الشركة بصوره شبه يومية تطمئن على
كل شيء،أقترحت على ولديه أن يعينا أختيهما بالشركة في الوظيفتين الخاليتين أعترضا
ليس لديهما أي خبرة ..أصرت قائلة :التدريب يعوض أي خبرة إذا وافقتا فهما الأولى
ولوائح الشركة تنظم كل شيء ..أوصتهما بالرجوع لوالدهما عند وجود أي مشكلة
طارئة ..سعدت وهما يسألان عن أخيهما ..وسعدت أكثر وهي تسمعه يكلمهما ويمزح
معهما ...تمنت أن تسمع صوته ..جاءها فجرا ..سعدت به كثيرا لأنه لم ينساها ..أوصته
بنفسه بعدم التفكير في شيء إلا صحته ..سأنتظرك كل فجر ..سواء عندك أوعندي تعرف
المواقيت جيدا ..إذا لم تلاقى صوتينا ستتلاقى أرواحنا كان سعيدا بحيوية صوتها وكانت
سعيدة لسعادته .....
أصرت زوجته الأولى أن يذهبا إلى أحد السواحل ..اختارت أبعد السواحل وأهدأها ..فوجيء
بأنه الساحل نفسه الذي بدأ فيه معها أول خطواتهما في الحياة معا ..كل شيء تغير إلا البحر
أبدى سعادة شكلية أول الأمر..لم تترك له أية فرصة للإكتئاب أبدت سعادة غامرة به ..ذكرته
بتفاصيل حميمة كانت لهما في هذا المكان ..كانت لا تمل تحكي له وتتذكر معه وكأنها تريد
إعادة برمجة ذاكرته وعقله ..إعادته لطبيعته ..وإقباله على الحياة..كان يومهما يبدأ بعد صلاة
الفجر ..تجلس معه ويقرآ معا جزءا كاملا من القرآن ..يتذكرا ما حفظاه معا ..يتأملها وهي تتلو
يسألها عن تفسير بعض الآيات يبدى إعجابه بتلاوتها ..وكانت تبكي وهو يتلو تحاول أن تداري
بكاءها ..لم تكن تتحمل نبرة الحزن الدفين في ثنايا تلاوته ..كان يلاحظ ذلك ..يضمها يقول لها :
"عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيله"يسعدهما تلاشي
المساحات السوداء التي طرأت على حياتهما ..يفطران ويصليان الضحي ..يذهبان إلى البحر كم يرتاح
له زرقته أمواجه اتساعه صمته صخبه هذوءه هياجه..فوجيء بها لأول مرة تنزل معه البحر وتريده ان
يعلمها السباحة ..لمحت استغرابه ... أريدك أن تعلمني السباحة لا أريد أن تسبح وحدك لم أعد
أن تبتعد عني ..كم كنت اضع يدي على قلبي عندما تبتعد عن الشاطيء ..أقف عاجزة عن فعل شيء
لا أريد هذا الإحساس مرة أخرى ..لاني أحبك ! وصلت المياه إلى اعلى صدرهما ..أتعرفين أنك لم
تقولي لي أحبك منذ زمن بعيد ..بالعكس كنت أقولها لك دائما
وبالفعل لا بالكلام ضحكا معا ..وتعمت
السباحة معه بسرعة ..وهو في غاية السعادة ..يوجهها وتسمع كلامه ..وكلما سرحت وشربت من ماء
البحر ..طالبها بالتركيز الدائم ..صرت سباحة ماهرة ..ليس مثلك حبيبي قالتها من قلبها وهي تتعلق
برقبته ضمها إليه ..أحس كانه يحتضن الدنيا كلها ..عاد إليه هذا الإحساس الذي لا يعرف كيف تسرب
من بين يديه ..أحس بأنها تبذل جهدا كبيرا لإسعاده ..لم يخذلها أقبل عليها بكل جوانحه ..كانت في غاية
السعاده وهو يترك كل أنواع الدواء ..ويعتبر قربها هو دواؤه ..كان جهدها الأكبر تبذله في طرد الأفكار
السوداء التي تقفز لها في بحر سعادتها تريد تكديره ..ختما القرآن تلاوة وتفسيرا معا ..صليا لله ..اطالا
الدعاء...عادا في غاية السعادة ..كان الطبيب في انتظارهما ..اطمأن عليه ..أبلغته أنه ترك كل الأدوية .
تعجب الطبيب طلب منها أن تعد لهما شرابا لينفرد به ..أخبره أنه يمكنه العوده للعمل دون إجهاد ..أخبرها
أنها صنعت معجزة خلال هذا الشهر ..طلبت من الطبيب موعدا للقاء في عيادته ..موضوع في غاية
الأهمية ..لا يقبل التأجيل .. على الرحب والسعة ...غدا إن شاء الله في الرابعة عصرا

ليست هناك تعليقات: