الخميس، 26 أغسطس 2010

غازي القصيبي يرثي نفسه


1-عندما بلغ الوزير والمفكر والشاعر الراحل

غازي القصيبي سبعون عاما في 7/3/2010مـ ،

كتب قصيدته ” سيدتي السبعون” :

ماذا تريدُ من السبعينَ.. يا رجلُ؟!

لا أنتَ أنتَ.. ولا أيامك الأُولُ

جاءتك حاسرةَ الأنيابِ.. كالحَةً

كأنّما هي وجهٌ سَلَّه الأجلُ

أوّاه! سيدتي السبعونَ! معذرةً

إذا التقينا ولم يعصفْ بيَ الجَذَلُ

قد كنتُ أحسبُ أنَّ الدربَ منقطعٌ

وأنَّني قبلَ لقيانا سأرتحلُ

أوّاه! سيدتي السبعونَ! معذرةً

بأيِّ شيءٍ من الأشياءِ نحتفل؟!

أبالشبابِ الذي شابتَ حدائقُهُ؟

أم بالأماني التي باليأسِ تشتعلُ؟

أم بالحياةِ التي ولَّتْ نضارتُها؟

أم بالعزيمةِ أصمت قلبَها العِلَلُ؟

أم بالرفاقِ الأحباءِ الأُلى ذهبوا

وخلَّفوني لعيشٍ أُنسُه مَلَلُ؟

تباركَ اللهُ! قد شاءتْ إرادتُه

ليَ البقاءَ.. فهذا العبدُ ممتثلُ!

واللهُ يعلمُ ما يلقى.. وفي يدِه

أودعتُ نفسي.. وفيه وحدَه الأملُ



2-وعلى فراش المرض الذي داهمه قبل عشرة أشهر

كتب قصيدته ” سامحيني هديل” وهو يعاني الألأم

الجسدية والنفسيه مناجيا ربه

، ومصوراً معاناة ابنته ” هديل” :

أغالب الليل الحزين الطويل
أغالب الداء المقيم الوبيل

أغالب الألأم مهما طغت
بحسبي الله ونعم الوكيل

فحسبي الله قبيل الشروق
وحسبي الله بُعيد الأصيل

وحسبي الله إذا رضنّي
بصدره المشؤوم همي الثقيل

وحسبي الله إذا أسبلت
دموعها عين الفقير العليل

يا رب أنت المرتجي سيدي
أنر لخطوتي سواء السبيل

قضيت عمري تائهاً ، ها أنا
أعود إذ لم يبق إلا القليل

الله يدري أنني مؤمن
في عمق قلبي رهبة للجليل

مهما طغى القبح يظل الهدى
كالطود يختال بوجه جميل

أنا الشريد اليوم يا سيدي
فأغفر أيا رب لعبد ذليل

ذرفت أمس دمعتي توبة
ولم تزل على خدودي تسيل

يا ليتني ما زلت طفلاً وفي
عيني ما زال جمال النخيل

أرتل القرآن يا ليتني
ما زلت طفلاً .. في الإهاب النحيل

على جبين الحب في مخدعي
يؤزني في الليل صوت الخليل

هديل بنتي مثل نور الضحى
أسمع فيها هدهدات العويل

تقول يا بابا تريث فلا
أقول إلا سامحيني .. هديل




3-ق
صيدة نشرتها له صحيفة الجزيرة في شهر ربيع الثاني
من هذا العام 1426 هــ ، ويظهر فيها عمره الحقيقي الذي
ذكره بكل صدق ...وفي آخرها يرجو رحمة ربه

القصيدة أسمها :
حديقة الغروب

خمسٌ وستُونَ.. في أجفان إعصارِ
أما سئمتَ ارتحالاً أيّها الساري؟


أما مللتَ من الأسفارِ.. ما هدأت
إلا وألقتك في وعثاءِ أسفار؟


أما تَعِبتَ من الأعداءِ.. مَا برحوا
يحاورونكَ بالكبريتِ والنارِ


والصحبُ؟ أين رفاقُ العمرِ؟ هل بَقِيَتْ
سوى ثُمالةِ أيامٍ.. وتذكارِ


بلى! اكتفيتُ.. وأضناني السرى! وشكا
قلبي العناءَ!... ولكن تلك أقداري

***

أيا رفيقةَ دربي!.. لو لديّ سوى
عمري.. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري


أحببتني.. وشبابي في فتوّتهِ
وما تغيّرتِ.. والأوجاعُ سُمّاري


منحتني من كنوز الحُبّ.. أَنفَسها
وكنتُ لولا نداكِ الجائعَ العاري


ماذا أقولُ؟ وددتُ البحرَ قافيتي
والغيم محبرتي.. والأفقَ أشعاري


إنْ ساءلوكِ فقولي: كان يعشقني
بكلِّ ما فيهِ من عُنفٍ.. وإصرار


وكان يأوي إلى قلبي.. ويسكنه
وكان يحمل في أضلاعهِ داري


وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكنْ بَطَلاً
لكنه لم يقبّل جبهةَ العارِ

***

وأنتِ!.. يا بنت فجرٍ في تنفّسه
ما في الأنوثة.. من سحرٍ وأسرارِ


ماذا تريدين مني؟! إنَّني شَبَحٌ
يهيمُ ما بين أغلالٍ.. وأسوارِ


هذي حديقة عمري في الغروب.. كما
رأيتِ... مرعى خريفٍ جائعٍ ضارِ


الطيرُ هَاجَرَ.. والأغصانُ شاحبةٌ
والوردُ أطرقَ يبكي عهد آذارِ


لا تتبعيني! دعيني!.. واقرئي كتبي
فبين أوراقِها تلقاكِ أخباري


وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكن بطلاً
وكان يمزجُ أطواراً بأطوارِ

***

ويا بلاداً نذرت العمر.. زَهرتَه
لعزّها!... دُمتِ!... إني حان إبحاري


تركتُ بين رمال البيد أغنيتي
وعند شاطئكِ المسحورِ.. أسماري


إن ساءلوكِ فقولي: لم أبعْ قلمي
ولم أدنّس بسوق الزيف أفكاري


وإن مضيتُ.. فقولي: لم يكن بَطَلاً
وكان طفلي.. ومحبوبي.. وقيثاري


***

يا عالم الغيبِ! ذنبي أنتَ تعرفُه
وأنت تعلمُ إعلاني.. وإسراري


وأنتَ أدرى بإيمانٍ مننتَ به
علي.. ما خدشته كل أوزاري


أحببتُ لقياكَ.. حسن الظن يشفع لي
أيرتُجَى العفو إلاّ عند غفَّارِ
؟

ليست هناك تعليقات: