السبت، 14 أغسطس 2010

سأغفر لك 29

29
تردد ولده في الإجابة ..ألح عليه ..طلبت أمي من المستشفى بعد عودتك
ألا يسمح لك بالخروج إلا بموافقتها ..وطلبت تسجيلا بالصوت والصورة
طوال الأربع والعشرين ساعة ..وألا يدخل عليك أحد إلا بموافقتها ..وبعد
مراجعة الأمن ..ووافقت المستشفى من أجل حمايتك ..حاول أن يتناسى الأمر
بدأ يتضجر من البقاء في المستشفى ..استمهله الأطباء بعض الوقت ..عقدت
زوجته الثانية اجتماعا لمجلس إدارة الشركة ..ناقشت فيه كل شيء ..فوجيء
ولداه بتفويضهما في إدارة الشركة في غيابهما ..ولم يستطيعا الرفض ..وكل
المجلس وافق على ذلك تنسيقا مع مستشاري الشركة ..وأثنى الجميع عليهما
استبقتهما بعد انصراف الجميع ..فوجئا بها تقول لهم :سنموت وستبقون بعدنا
أثق فيكما وفي أمانتكما وأنكما ستتقدمون بالشركة من نجاح إلى آخر ..وأن
أخاكما سيفخر بكما وبما فعلتماه من أجله ..وهي متمسكة بوجودهما ..وإذا
كان هناك عمل أفضل لهما في مكان آخر فلن تضيع عليهما أي فرصة
للتقدم ..العمل عمل ..ولا مكان للعواطف به ..أما الأمانة وإجادة العمل فهي
واثقة في توفرها ..أود ألا تتخليا عن شقيقكما الأصغر ..لا تدخلوا الشيطان
بينكم ..له عليكم النصح والتقويم والإرشاد والتعليم وإكمال ما أقصر فيه
أخذا ابنها وأجلساه بينهما ..كانت في غاية السعادة ..لم يتكلما كثيرا ...طلبا
وصفا مكتوبا للمطلوب منهمما خلال فترة غيابهما ..وتبرير لسبب تضاعف
مرتبهما ..أصرت على أن يتناولا الغذاء معها ومع اخيهما ..كانا معجبان بها
وأنها رغم قوة شخصيتها غاية في التواضع والرقة ..وأنها تفكر دائما بطريقة
سوية ..معجبان بذكائها ومثابرتها في العمل ..سألتهما عن مشاريعهما المستقبلية
وأهم خططتهما ..كانت معجبة بقدرتهما على التفكير المستقل ..إبداء الرأي ..
الدفاع بقوة عما هما مقتنعان به ..اتفقت معهما على طريقة الاتصال الخاصة
بها وبهما ، أصرا على أن يكونا معها حتى ركوب الطائرة ..أثر فيها ذلك كثيرا..
انتهز فرصة حضور اصدقائه وتواصل زياراتهم له ..ناقش معهم مشكلته ..تباينت
آراؤهم ..المحامي :لها حق عندك ..يمكنها أن تنفصل وتعتبر زواجك ضررا بها
وعليك أن تعالج الامور بحكمة ولا تجعلها تتطور أعطها كل ما تريد فهي صاحبة
حق لا جدال ولا يعنيها من الناحية القانونية ظروف زواجك الخاصة ..أما صديقه
المهم كان يرى أنهما كبرا على هذه المنازعات ..ولداها يعملان ..وبنتاها في
طريقهن للزواج ..إذا كانت ما زالت تحبك فلتبق بجانبك ..وإذا كانت تحب نفسها
وصورتها أمام الناس أكثر فلا تبخل عليها بانفصال هاديء دون شوشرة ..كان كل
واحد من أصدقائه ينظر للمسألة من وجهة نظره ..وقد نسوا شيئا مهما جدا أنه يحبها
ولا يتخيل أن يفارقها..بينهما تفاصيل صغيرة حميمة متراكمة تملأ قلبه ووجدانه..وعود
عهود ..نجاح ..فشل ..كيف يسدل الستار على ربع قرن من عمره وعمرها !!؟؟
واجههم بذلك ..أجمعوا على أنه يجب عليه أن يكون واضحا معها ..يركع بين يديها
يسألها المغفرة والسماح وينفذ لها كل ما تريد ..كان يخشى المواجهة ..تذكر ما حدث
بينهما عند ابن عمها ..وكيف أنها لم تطلب منه شيئا حتى الآن ..تذكر صديقه الطبيب
النفسي ..قام توضأ ..صلى ..ابتهل إلى الله ..يعرف أن طلب الموت مكروه ...لكنه ظل 

يردد اللهم أسألك اراحة بالموت  ....
((يتبع إن شاء الله))

ليست هناك تعليقات: