الخميس، 8 أكتوبر 2009

نصر أكتوبر 1973م شهادة حية

ست وثلاثون سنة مرت منذ ذلك التاريخ ،

ومازال يحرك فينا مشاعر جياشة ، تأتي ذكراه

وتذهب كل عام ، ويبقى الأثر الذي لا ينتهي ، والمحفور

في الذاكرة ، والذي يؤرخ لأصعب ست سنوات مرت علينا في

العصر الحديث ، ومازلنا رغم النصر لم نفرح فرحة كاملة فمازال

الأقصى محتلا ومازالت الحق مغتصبا ، سنوات ست كان الشعار فيها :

(لا صوت يعلو فوق صوت المعركة) ، كان كل شيء مجند ا لهدف واحد


هو اعادة ما سلب ، تم تهجير ثلاث مدن مكتظة بالسكان(السويس

والاسماعيلية وبور سعيد) كان تهجيرنا إلى القاهرة التي مازلت مهاجرا

فيها رغم عودة الجميع إلي مدنهم وقراهم بعد النصر،أتذكر أخي الأكبر

رحمه الله الذي حارب في اليمن ، ولولا تضحياتنا فيها رغم كل ما يقال

ما أمكننا أن نغلق باب المندب في 1973م ، ومن بعدها حتى الآن لم

يستقر القرن الأفريقي، أذكر أخي الذي واصل تأدية الواجب لأكثر من

عشر سنوات وهو مجند عادي،أذكر كل ما قيل لنا عن الخط الدفاعي

الذي أقامه اليهود في الضفة الشرقية للقناة بامتداد 170 كم ، والذي

أعد ليقاوم كل أنواع الأسلحة حتى القنابل النووية !!!!!

أذكر الساتر الترابي الذي أقيم بطول القناة والذي يرتفع لأكثر من


خمسة عشر مترا ، أذكر 65ألف أسير مصري قتلوا بعد أسرهم

في 1967م، أذكر الطيران الذي ضرب مدرسة بحر البقر الابتدائية ،

واختلطت دماء الأطفال بأوراق الدفاتر كواحدة من أسوأ المذابح البشعة،

أذكر اليأس ، والتيئيس من أنه يمكن أن تقوم لنا قائمة ، وأن علينا


الإستسلام ولعق أحذية المحتل ، وتقبيل أيدي السادة الكبار ، أذكر

التضحيات التي تمت لاقامةحائطا من الصواريخ لحماية المدن ، أذكر

فجيعة الموت المفاجيء لعبد الناصر ، وجنازيه المهيبة التي شاركت

فيها الملايين من كل أنحاء مصر والعالم، وأذكر بعض ما هتفت به


الجماهير في تلك الجنازة خصوصا قولها الغامض (يا جمال يا عود

الفل من بعدك حنشوف الذل ) كدنا نياس من كل شيء ، لكننا واصلنا

التعليم ، والتمسك بالثوابت ، ورفض أن نهزم من الداخل أو يتسرب

اليأس من رحمة الله إلينا ، وعندما دارت المعركة في 6 أكتوبر كنا

نسمع الأخبار بحذر ، ونحاول أن نتأكد من أنها صحيحة ، فنحاول

سماع المحطة الوحيدة الأجنبية المتاحة لنا (bbc) ولم نصدق أننا

نجحنا في عبور قناة السويس، والتغلب على قاذفات اللهب التي كانت

ستشعل سطح القناة ، وقهرنا الساتر الترابي ، ودمرنا تحصينات

بارليف ، وتفوقنا بالسلاح المتواضع على كل الأسلحة الحديثة ،

ولأول مرة يواجه الجندي الدبابة ويدمرها بسلاحه الشخصي-لم نكن

نصدق ذلك أول الأمر ومع مرور الساعات و الأيام تأكدنا من اننا حققنا

معجزة على كل المستويات ، ورغم كل ما قيل آخر الحرب عن (ثغرة

الدفرسوار) والعبور المضاد إلى غرب القناة ، والفشل في احتلال أي

مدينة من مدن القناة ، وحصار الثغرة ، والاستعداد للقضاء عليها

وإيقاف اطلاق النار ، وبدء المفاوضات لاستعادة الأرض ، ورغم كل


ذلك بقينا على أعلى درجات الاستعداد ، أذكر أننا كنا عندما دخلنا

المرحلة الثانوية ارتدينا الزي العسكري ، وكان ضباط الجيش

يدربوننا على استخدام السلاح وكيفية حماية المدن والمرافق ،

أذكر عودة سيناء كلها لنا ، أذكر الدرس الذي تعلمناه من ذلك

النصر الذي لم يأخذ حظه من الاحتفال والتوثيق حتى الآن -هذا

الدرس الذي ملخصه أن لا يمكن أن يضيع حق وراءه مطالب،

وأن الإخلاص وحسن التخطيط من أسس النصر ، وأن الإيمان

قوة لا تقهر ، وكم من دروس تعلمناها من هذا الانتصار

ومازالت تلهمنا حتى الآن كما ألهمتنا ومازالت :بدروأحد


والأحزاب ......... واليرموك .......وحطين وعين جالوت

...أذكر من استشهدوا في هذه الحرب ومن أصيبوا ،

ومن فجعوا بفقد الأبناء والآباء ..فأتأكد من بشاعة الحرب

وأنه حتى المنتصر فيها خاسر ، وأتمنى أن تعود كل الحقوق


لأصحابها ليعم السلام الحقيقي إن شاء الله

(وكل عام وأنتم بخير)




ليست هناك تعليقات: