مرت الأيام بطيئة ، وأنا أفكر في كلام المديرة العامة ، يتلاعب بي الشيطان ، يوسوس
لي: مالك ومالها ، لا تهتم بكلام المديرة ، إنه دلع كيف تتراجع بعد كل هذا الحزم ،
صوت آخر داخلي: فكر في طريقة تعالج بها الموضوع حتى لا تكون فعلا سببا في هذا
الإنهيار ، ومن الناحية الإنسانية هي مريضة والمساهمة في الشفاء واجب
لقد زارها الجميع ما عدا ك، أحس أن موقفي صار محرجا ، أخيرا أقنعت ابنتي
الصغرى أن تصحبني للمستشفى وحكيت لها أنني لا أريد أن أذهب وحدي وأريدها
أن تختار هدية للمريضة ، وأنها سترى مفاجأة كبرى عندما تذهب معي للمستشفى
وفعلا اختارت هديه مناسبة ، واتصلا حتى لا تكون الزيارة مفاجئة وحتى يتأكدا
من عدم وجود مشكلة في ذهابهما ، رحبت بهما الأم في التليفون ، وتشجعا وذهبا
إليها ، وقد فوجئت الابنة بالشبه الكبير بينهما ، وكأنها تنظر في المرآة ، وفوجئت
هي وأمها ، لم تستطع الأم السكوت ، سبحان الله لا أصدق كأنهما توأمتان ، أشكر
لك الحضور ، أول يوم منذ دخلنا المستشفى تقوم من السرير وحدها ، وترتدي
ملابسها وتنتظر قدومكما ، أول مرة تبتسم ، إنها تنام بالمهدئات ، وتنتابها
نوبات بكاء ، ولا تتكلم مع أحد ، تحسنت قليلا مع زيارة زميلاتها ، كانت الأم
تتكلم ، بينما هي والابنة منفصلين عنهما وفي نقاش جانبى حميم ، سألت الأم
عن الأب فقالت لقد توفي وهي طفلة لم تتجاوز العاشرة ، وكانت مت***ة به
جدا لدرجة أنها ظلت ستة أشهر مصدومة ، وأخفينا عنها صوره لأنها كانت
تصاب بنوبات اكتئاب كلما شاهدت صورة ، كانت الأم سعيده لسعادة ابنتها
بالزيارة ، واندماجها مع ابنتي، ولاحظ هو انهما متشابهتان حتى يخيل لمن
ينظر إليهما أنهما طفلتان رغم أنها تكبر ابنتي بخمسة عشر عاما على الأقل
أخذت ابنتي وخرجت معها إلى الشرفة ، لاحظت أن الام تخفي علي شيئا ، لم
أسألها مباشرة ، وأخذ يسأل عن رأي الأطباء في الحالة ، ومتى ستعود إلى
العمل ، وصارحتها أنني لم أقصد أن أجعلها تنهار فقد كان النقاش عاديا ويحدث
بين الزملاء أشد من ذلك ،وهنا قالت الأم ، لم أتهمك بأنك السبب في انهيار ابنتي
فليس هذا أول انهيار لها ، ولكنه الأسوأ ، وزيارتك اليوم تزيل كل شك من نفسي
فأنا أعرف ابنتي ، لقد ابتلاها الله بوفاة والدها ، ثم فشلها في الزواج بسبب غيرة
الزوج العمياء ، وعنادها الشديد ، لقد كلمتني عنك كثيرا ، وهي تقدر إخلاصك
ونصائحك ،لكن الجيل كله يريد أن يجرب بنفسه ،وكثيرا ما كانت تأتي باكية ،
وتحكي لي فأقول لها : عنده حق أنت مخطئة ، ولكنها لم تحك لي عن آخر مشكلة
معك ، تهربت من أن أحكي للأم عما حدث ، وكلما حاولت انهاء الزيارة ،طلبت البقاء ،
ووجدتها وابنته في غاية السعادة ، طلبت منه الذهاب وبقاء ابنته معها بعض الوقت ،
وافقت الابنة فتركهما وحدد ساعة العودة لاصطحاب الابنه ............
(يتبع إن شاء الله)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق