الاثنين، 22 مارس 2010

الثائرة6

اقتربت صابرين مني كثيرا ، وصرت أعتمد عليها في كثير من الأعمال خصوصا

في غيابي ، فكان العمل يسير سيرا حسنا ، وصار المكتب ينبض بالنظام

والحيوية ، فلم تتدخر جهدا في تطوير العمل وتنظيم كل شيء ، وصارت تتدخل

في كل شيء حتى ما أرتديه وآكله ، وتتدلل علي ّمقلدة ابنتي الصغري

فتناديني باسمي مجردا على سبيل المزاح ،وكثيرا ما كنت أتخيل أن عمرها

توقف عند عشر سنوات ، وتحسن حالتها النفسية جعلني لا أعترض على أي

شيء تقوم به ، أما العمل فكنت أحرص على أن تظل الأكثر فهما وخبرة ، وأد

ربها على كل شيء بنفسي ، تذكرت شرطي لتكون ابنتي فقالت :رغم

موافقتي المسبقة على كل شروطك أحب أن أعرفه ، وأحب أن تعلم أنني

كنت أتعجب من الفتيات اللاتي يتخرجن ويحرصن على الحضور ليقدمن لك

الشكر ويقلن فيك قصائد الشعر ،كنت أتعجب ماذا تفعل لهن ، وكنت

أحسب ذلك سحر منك ، لكنني اكتشفت أنك تقف معهن في المواقف الصعبة

وتخلص في مساعدتهن ، وتنصحن بإخلاص حتى لو غضبن وقتيا ، المهم قلي

ما الشرط ؟؟

الشرط هو ألا تخلطي بيني وبين الأب الذي أنجب ، فلا أحب أن آخذ مكانه ،

وأشغلك عن واجبك نحوه ، فعليك أن تترحمي عليه ، وتكثري الدعاء له ،

وتواصلي النجاح كي يكون سعيدا بك ، وإن شاء الله تجتمعا في الجنة ،

أخذت دموعها تنهمر ، واصلت الحديث وطبعا يسعدني أن أكون في منزلة

والدك فأنت فخر لكل أب بجد ، ويسعدني أن تقولي لي ((بابا صالح)) ،

أما (بابا) فقط فهو من انجبك ، جففت دموعها قائلة :يارب يخليك

بابا صالح......وفجأة ثارت علىّ ،صحيح لماذا لم تكن حازما مع هذا

الأستاذ الذي تطاول عليك ، لقد أوشكت أن أنفجر فيه ،لولا خوفي

من غضبك ، قلت مبتسما ما أكثر شيء أثارك قالت غاضبة :كيف

تسمح له أن يقول لك :"ابعد عني أنا ببدا وأنت بتنتهي " هذه وقاحة

وقلة أدب ...هذه ليست أول مرة اصطدم به ، والله اعلم من الذي

يسنده ،لقد رفضت أن أقبل منه هدية لأغير تقرير الكفاية ، وهو يريد

ان يستفزني لأخطيء ويستغل خطئي وهناك الكثير من أصحاب

النفوس المريضة الذين قبلوا هداياه ويدارون على أخطائه ، هذا

النموذج لا يصلح معه إلا التزام الصواب والصبر ، ولابد أن يصطدم

بالجدار ولن يجد وقتها من يقف معه ، لقد نبهته أنني موظف ولي

واجباتي ولست صاحب المؤسسة ،وأن عليه أن يؤدي أي عمل يقوم

به معي على أكمل وجه ،ولن أفوت له شيء ،وساراجع ما يعمل

بنفسي ولعله يستقيم ، المهم لماذا رفضت خطبته ،والكل كان يلومك

، قالت ممتعضة :إنه مغرور ويعتقد أنه أذكي من الجميع ، وهو غير

جاد ، ولقد شهدت ضده عندما أرسلت لي المديرة العامة عندما

اصطدمت أنت به ، وتعجبت من شهادتي معك رغم أنني شكوتك

عندها عدة مرات ،ونصحتني بالصبر لأتعلم ، وقلت لها :أنه غير جاد ،

ويريد أن يتسلى ، والحقيقة أنني لا يمكن (أن أصوم ثم أفطر على

بصلة) ورغم زوال الكثيرمن الحواجز ،وتفرع موضوعات النقاش لدرجة

أنها تسألني أسئلة صعبة جدا وفي غاية الحساسية وكنت دائما

أصدقها القول –رغم ذلك كانت تتهرب منى كلما سألتها عن زواجها

الأول وأسباب الفشل ، تغير الموضوع أو تتوتر فأغير الموضوع أنا ،

ولا أعرف لماذا كنت أحسب أن وراء ذلك شيء رهيب ، وتأكد شكي

عندما ذهبت لطبيبها النفسي الذي أكد أن بقاء تلك الفترة مظلمة

يجعل الحالة صعبة ، وحتى الأم لا تعرف شيئا عن تلك الأسباب ،

ونصحني بالاستمرار في كسب ثقتها ، ومعرفة كل شيء حتى تحل

العقدة ،ووعدته بذلك ..لقد توثقت العلاقة بين الأسرتين فلا يمر يوم

إلا وهناك زيارة أو خروج أو تسوق معا ولا أعلم لماذا كان ينتابني

إحساس أن ذلك الاستقرار في كل شيء هو الهدوء الذي

يسبق العاصفة ....

((يتبع بإذن الله))

ليست هناك تعليقات: